وأما
الحلف على الغداء والعشاء فلا بد من معرفة معنى الغداء والعشاء ومعرفة وقتهما أما الأول فالغداء والعشاء كل واحد منهما عبارة عن أكل ما يقصد به الشبع عادة فيعتبر في ذلك العادة في كل بلد فما كان غداء عندهم حملت اليمين عليه ولهذا قالوا في
أهل الحضر إذا حلفوا على ترك الغداء فشربوا اللبن لم يحنثوا لأنهم لا يتناولون ذلك للشبع عادة
ولو حلف البدوي فشرب اللبن حنث لأن ذلك غداء في البادية وإذا حلف لا يتغدى فأكل غير الخبز من أرز أو تمر أو غيره حتى شبع لم يحنث ولم يكن ذلك غداء وكذلك إذا أكل لحما بغير خبز لم يحنث في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد .
كذا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي قال .
وقالا ليس الغداء في مثل
الكوفة والبصرة إلا على الخبز والمرجع في هذا إلى العادة فما كان غداء متعادا عند الحالف حنث وما لا فلا وروى
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة في
أكل الهريسة والأرز أنه يحنث وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في الهريسة والفالوذج والخبيص أنه لا يحنث إلا أن يكون ذلك غداءه والأصل أن غداء كل بلد ما تعارفونه غداء فيعتبر عادة الحالف فيما يحلف عليه فإن كان الحالف كوفيا يقع على خبز الحنطة والشعير ولا يقع على اللبن والسويق وإن كان بدويا يقع على اللبن والسويق وإن كان حجازيا يقع على السويق وفي بلادنا يقع على خبز الحنطة وأما الثاني فنقول وقت الغداء من طلوع الفجر إلى وقت الزوال لأن الغداء عبارة عن أكل الغدوة وما بعد نصف النهار لا يكون غدوة والعشاء من وقت الزوال إلى نصف الليل لأنه مأخوذ من أكل العشية وأول أوقات العشاء ما بعد الزوال وقد روي {
أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاتي العشاء ركعتين } يريد الظهر والعصر وفي عرف ديارنا العشاء ما بعد وقت صلاة العصر وأما السحور فما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر لأنه مأخوذ من السحر وهو وقت السحر ولم يذكر في ظاهر الرواية مقدار الغداء والعشاء .
وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف فيمن
قال لأمته إن لم تتعش الليلة فعبدي حر فأكلت لقمة واحدة لم تزد عليها فليس هذا بعشاء ولا يحنث حتى تأكل أكثر من نصف شبعها لأن من أكل لقمة يقول في العادة ما تغديت ولا تعشيت فإذا أكل أكثر أكله يسمى ذلك غداء في العادة وروى
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن حلف ليأتينه غدوة أنه إذا أتاه بعد طلوع الفجر إلى نصف النهار فقد بر وهو غدوة لما ذكرنا أن هذا وقت الغداء ولو قال ليأتينه ضحوة فهو من بعد طلوع الشمس من الساعة التي تحل فيها الصلاة إلى نصف النهار لأن هذا وقت صلاة الضحى قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : إذا حلف لا يصبح ، فالتصبيح عندي ما بين طلوع الشمس وبين ارتفاع الضحى الأكبر ، فإذا ارتفع الضحى الأكبر ذهب وقت التصبيح لأن التصبيح تفعيل من الصبح والتفعيل للتكثير فيقتضي زيادة على ما يفيده الإصباح وروى
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن حلف لا يكلمه إلى السحر قال إذا دخل ثلث الليل الأخير فليكلمه لأن وقت السحر ما قرب من الفجر قال
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد والمساء مساءان أحدهما إذا زالت الشمس ألا ترى أنك تقول إذا زالت الشمس كيف أمسيت ؟ والمساء الأخير إذا غربت الشمس فإذا حلف بعد الزوال لا يفعل كذا حتى يمسي كان ذلك على غيبوبة الشمس لأنه لا يمكن حمل اليمين على المساء الأول فيحمل على الثاني والله عز وجل أعلم .