( فصل ) :
وأما
الحلف على المفارقة والوزن وما أشبه ذلك إذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفي ما عليه واشترى منه شيئا على أن البائع بالخيار ثم فارقه حنث لأن الثمن ما يستحق على المشتري فلم يصر مستوفيا فإن أخذ به رهنا أو كفيلا من غير براءة المكفول عنه ثم فارقه يحنث لأن الحق في ذمة الغريم بحاله لم يستوف فإن هلك الرهن قبل الافتراق بر في يمينه لأنه صار مستوفيا وإن هلك بعد الافتراق لا يبر لأنه فارقه قبل الاستيفاء فحنث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في
رجل له على امرأة دين حلف أن لا يفارقها حتى يستوفي ثم تزوجها عليه وفارقها وكانت عقدة النكاح جائزة فقد بر في يمينه لأنه قد وجب في ذمته بالنكاح مثل دينه وصار قصاصا فجعل مستوفيا وإن كان النكاح فاسدا ولم يدخل بها حنث لأن المهر لا يجب بالنكاح الفاسد فلم يصر مستوفيا فإن دخل بها قبل أن يفارقها ومهر مثلها مثل الدين أو أكثر لم يحنث لأن المهر وجب عليه بالدخول فصار مستوفيا فإن كان العقد صحيحا فوقعت الفرقة بسبب من جهتها وسقط مهرها وفارقها لم يحنث لأن المهر الواجب بالعقد قد سقط وإنما عاد له دين بالفرقة بعد انحلال اليمين فلا يحنث ولو حلف ليزنن ما عليه فأعطاه عددا فكانت وازنة حنث لأنه حلف على الوزن والوزن فعله ولم يفعله .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف إذا قال والله لا أقبضن ما لي عليك إلا جميعا وله عشرة دراهم وعلى الطالب لرجل خمسة دراهم فأمر الذي له الخمسة هذا الحالف أن يحتسب للمطلوب بالخمسة التي عليه وجعلها قصاصا ودفع فلان المطلوب إلى الحالف خمسة فكأنه قال إذا كان متوافرا فهو جائز فلا يحنث لأن الاستيفاء دفعة واحدة يقع على القبض في حالة واحدة وأن يعرف الوزن ألا ترى أن الدين إذا كان مالا كثيرا لا يمكنه دفعه في وزنة واحدة وقد قبض الخمسة حقيقة والخمسة بالمقاصة وقد روى
ابن رستم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فيمن قال والله لا آخذ ما لي عليك إلا ضربة واحدة فوزن خمسمائة وأخذها ثم وزن خمسمائة قال فقد أخذها ضربة واحدة لأن هذا لا يعد متفرقا قال وكذلك لو جعل يزنها درهما درهما .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الجامع إذا كان له عليه ألف درهم فقال عبده حر إن أخذها اليوم منك درهما دون درهم فأخذ منها خمسة ولم يأخذ ما بقي لم يحنث لأن يمينه وقعت على أخذ الألف متفرقة في اليوم ولم يأخذ الألف بل بعض الألف ولو قال عبده حر إن أخذ منها اليوم درهما دون درهم فأخذ منها خمسة دراهم ولم يأخذ ما بقي حتى غربت الشمس يحنث حين أخذ الخمسة لأن يمينه ما وقعت على أخذ الكل متفرقا بل على أخذ البعض لأن كلمة من للتبعيض ولو قال عبده حر إن أخذها اليوم درهما دون درهم فأخذ في أول النهار بعضها وفي آخر النهار الباقي حنث لأنه أضاف الأخذ إلى الكل وقد أخذ الكل في يوم متفرقا .
وقال أصحابنا إذا حلف لا يفارقه حتى يستوفي ما له عليه فهرب أو كابره على نفسه أو منعه منه إنسان كرها حتى ذهب لم يحنث الحالف لأنه حلف على فعل نفسه وهو مفارقته إياه ولم يوجد منه فعل المفارقة ولو كان قال لا تفارقني حتى آخذ ما لي عليك حنث لأنه حلف على فعل الغريم وقد وجد والله تعالى أعلم .