وبيان هذه الشرائط في مسائل إذا
خلع امرأته على ميتة أو دم أو خمر أو خنزير وقعت الفرقة ولا شيء له على المرأة من الجعل ، ولا يرد من مهرها شيئا .
أما وقوع الفرقة فلأن الخلع بعوض معلق بقبول المرأة ما جعل عوضا ذكرا وتسمية ، سواء كان المسمى مما يصلح عوضا أو لا ; لأنه من جانب الزوج تعليق الطلاق بشرط القبول وقد قبلت فصار كأنه صرح بتعليق الطلاق بقبولها العوض المذكور فقبلت ، ولو كان كذلك لوقع الطلاق إذا قبلت كذا هذا .
وأما عدم وجوب شيء له على المرأة ; فلأن الخلع طلاق ، والطلاق قد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض ، والميتة والدم ليست بمال في حق أحد فلا تصلح عوضا ، والخمر والخنزير لا قيمة لهما في حق المسلمين فلم يصلحا عوضا في حقهم فلم تصح تسمية شيء من ذلك فإذا خلعها عليه فقد رضي بالفرقة بغير عوض فلا يلزمها شيء ، ولأن الخلع من جانب الزوج إسقاط الملك ، وإسقاط الملك قد يكون بعوض وقد يكون بغير عوض كالإعتاق ، فإذا ذكر ما لا يصلح عوضا أصلا أو ما لا يصلح عوضا في حق المسلمين فقد رضي بالإسقاط بغير عوض فلا يستحق عليها شيئا ، ولأن منافع البضع عند الخروج عن ملك الزوج غير متقومة ; لأن المنافع في الأصل ليست بأموال متقومة إلا أنها جعلت متقومة عند المقابلة بالمال المتقوم فعند المقابلة بما ليس بمال متقوم تبقى على الأصل ; ولأنها إنما
[ ص: 148 ] أخذت حكم التقوم في باب النكاح عند الدخول في ملك الزوج احتراما لها تعظيما للآدمي لكونها سببا لحصوله فجعلت متقومة شرعا صيانة لها عن الابتذال ، والحاجة إلى الصيانة عند الدخول في الملك لا عند الخروج عن الملك ; لأن بالخروج يزول الابتذال فلا حاجة إلى التقوم فبقيت على الأصل ، وجعل الفرق بما ذكرنا بين الخلع على هذه الأشياء وبين النكاح عليها ; لأن هناك يجب مهر المثل ; لأن النكاح لم يشرع إلا بعوض لما ذكرنا في مسائل النكاح والمذكور لا يصلح عوضا فالتحق ذلك بالعدم ووجب العوض الأصلي وهو مهر المثل .
فأما الخلع فالعوض فيه غير لازم ، بل هو مشروع بعوض وبغير عوض فلم يكن من ضرورة صحته لزوم العوض .
وكذا النكاح تمليك البضع بعوض ، والخلع إسقاط الملك بعوض وبغير عوض .
وكذا منافع البضع عند الدخول أعطي لها حكم التقوم شرعا لكونها وسيلة إلى حصول الآدمي المكرم ، والخلع إبطال معنى التوسل فلا يظهر معنى التقوم فيه .