قال لامرأته وأمته : والله لا أقربكما ، لا يكون موليا من امرأته ما لم يقرب الأمة فإذا قرب الأمة صار موليا من امرأته ; لأن المولي من لا يمكنه قربان امرأته في المدة من غير شيء يلزمه ، وقبل أن يقرب الأمة يمكنه قربان امرأته من غير حنث يلزمه ; لأنه علق الحنث بقربانهما ، فلا يثبت بقربان إحداهما ، فإذا قرب الأمة فقد صار بحال لا يمكنه قربان زوجته من غير حنث يلزمه فصار موليا .
ولو قال : والله لا أقرب إحداكما ، لم يكن موليا في حق البر لما ذكرنا أن قوله إحداكما معرفة لكونه مضافا إلى المعرفة ، والمعرفة تخص ، ولا تعم سواء كان في محل الإثبات أو في محل النفي ، فلا يتناول إلا إحداهما ، والإيلاء في حق البر تعليق الطلاق بشرط ترك القربان في المدة فصار كأنه قال : إن لم أقرب إحداكما في المدة فإحداكما طالق ، ولو قال ذلك لا يقع الطلاق إلا إذا عنى امرأته ، وما عنى ههنا ، فلا يمكنه جعله إيلاء في حق البر .
ولو قرب إحداهما تجب الكفارة ; لأنه بقي يمينا في حق الحنث وقد وجد شرط الحنث فتجب الكفارة كما لو قال لأجنبية : والله لا أقربك ثم قربها حنث ، ولا يكون ذلك إيلاء في حق البر كذا هذا .
ولو قال : والله لا أقرب واحدة منكما كان موليا من امرأته لما ذكرنا أن الواحدة نكرة مذكورة في محل النفي فتعم عموم الأفراد كما لو قال : لا أكلم واحدا من رجال حلب إلا أنه لو قرب إحداهما حنث لما ذكرنا أن شرط حنثه قربان واحدة منهما لا قربانهما وقد وجد ، ولو كان له امرأتان حرة ، وأمة فقال : والله لا أقربكما صار موليا منهما جميعا ; لأن كل واحدة منهما محل الإيلاء فإذا مضى شهران ، ولم يقربهما بانت الأمة لمضي مدتها من غير قربان ، وإذا مضى شهران آخران بانت الحرة أيضا لتمام مدتها من غير فيء ، ولو قال : والله لا أقرب إحداكما يكون موليا من إحداهما بغير عينها ; لأن كل واحدة منهما محل الإيلاء وقد أضاف الإيلاء إلى إحداهما بغير عينها فيصير موليا من إحداهما غير عين ، ولو أراد أن يعين إحداهما قبل مضي الشهرين ليس له ذلك لما بينا فيما تقدم ، وإذا مضى شهران ، ولم
[ ص: 165 ] يقربهما بانت الأمة لا ; لأنها عينت للإيلاء بل لسبق مدتها ، واستوثقت مدة الإيلاء على الحرة فإذا مضت أربعة أشهر ، ولم يقربها بانت الحرة ; لأن اليمين باقية إذا لم يوجد الحنث فكان تعليق الطلاق على إحداهما باقيا ، فإذا مضى شهران وقع الطلاق على الأمة فقد زالت مزاحمتها واليمين باقية فتعينت الحرة لبقاء الإيلاء في حقها ، وتعليق طلاقها بمضي المدة ، وإنما استوثقت مدة الإيلاء على الحرة ; لأن ابتداء المدة انعقدت لإحداهما وقد تعينت الأمة للسبق فيبتدئ الإيلاء على الحرة من وقت بينونة الأمة بخلاف ما إذا قال لها : والله لا أقربكما ; لأن هناك انعقدت المدة لهما فإذا مضى شهران فقد تمت مدة الأمة فتتم مدة الحرة بشهرين آخرين ، ولو ماتت الأمة قبل مضي الشهرين تعينت الحرة للإيلاء من وقت اليمين حتى إذا مضت أربعة أشهر من وقت اليمين تبين لزوال المزاحمة بموت الأمة ، ولو قال : والله لا أقرب واحدة منكما يكون موليا منهما جميعا حتى لو مضى شهران تبين الأمة ، ثم إذا مضى شهران آخران تبين الحرة كما في قوله : والله لا أقربكما إلا أن ههنا إذا قرب إحداهما حنث ، وبطل الإيلاء لما ذكرنا فيما قبل ، وإن علقه بشرط يتعلق به بأن قال : إن دخلت هذه الدار ، وإن كلمت فلانا فوالله لا أقربك .