( فصل ) :
وأما
حكم الطلاق البائن فالطلاق البائن نوعان : أحدهما الطلقات ، والثاني الطلقة الواحدة البائنة ، والثنتان البائنتان ، ويختلف حكم كل واحد من النوعين وجملة الكلام فيه أن الزوجين أما إن كانا حرين .
وأما إن كانا مملوكين .
وأما إن كان أحدهما حرا ، والآخر مملوكا فإن كانا حرين فالحكم الأصلي لما دون الثلاث من الواحدة البائنة ، والثنتين البائنتين هو نقصان عدد الطلاق ، وزوال الملك أيضا حتى لا يحل له وطؤها إلا بنكاح جديد ولا يصح ظهاره ، وإيلاؤه ولا يجري اللعان بينهما ولا يجري التوارث ولا يحرم حرمة غليظة حتى يجوز له نكاحها من غير أن تتزوج بزوج آخر ; لأن ما دون الثلاثة - وإن كان بائنا - فإنه يوجب زوال الملك لا زوال حل المحلية .
وأما الطلقات الثلاث فحكمها الأصلي هو زوال الملك ، وزوال حل المحلية أيضا حتى لا يجوز له نكاحها قبل التزوج بزوج آخر ; لقوله - عز وجل - {
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } ، وسواء طلقها ثلاثا متفرقا أو جملة واحدة ; لأن أهل التأويل اختلفوا في مواضع التطليقة الثالثة من كتاب الله قال بعضهم هو قوله تعالى {
فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره } بعد قوله {
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } وقالوا : الإمساك بالمعروف هو الرجعة ،
والتسريح بالإحسان هو أن يتركها حتى تنقضي عدتها .
وقال بعضهم : هو قوله تعالى {
أو تسريح بإحسان } فالتسريح هو الطلقة الثالثة ، وعلى ذلك جاء الخبر ، وكل ذلك جائز محتمل غير أنه إن كان التسريح هو تركها حتى تنقضي عدتها كان تقدير قوله سبحانه ، وتعالى {
فإن طلقها فلا تحل له } أي : طلقها تطليقة ثالثة ، وإن كان المراد من التسريح التطليقة الثالثة كان تقدير قوله تعالى {
فإن طلقها } أي : طلقها طلاقا ثلاثا ، فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره .