( ومنها )
أن يكون التراب طاهرا فلا يجوز التيمم بالتراب النجس لقوله تعالى {
فتيمموا صعيدا طيبا } ولا طيب مع النجاسة ولو تيمم بأرض قد أصابتها نجاسة فجفت وذهب أثرها لم يجز في ظاهر الرواية وروى
ابن الكاس النخعي عن أصحابنا أنه يجوز ، وجه هذه الرواية أن النجاسة قد استحالت أرضا بذهاب أثرها ; ولهذا جازت الصلاة عليها ; فيجوز التيمم بها أيضا ( ولنا ) أن إحراق الشمس ونسف الأرض أثرها في تقليل النجاسة دون استئصالها .
والنجاسة وإن قلت تنافي وصف الطهارة فلم يكن إتيانا بالمأمور به فلم يجز ، فأما النجاسة القليلة فلا تمنع جواز الصلاة عند أصحابنا ولا يمتنع أن يعتبر القليل من النجاسة في بعض الأشياء دون البعض ، ألا ترى أن النجاسة القليلة لو وقعت في الإناء تمنع جواز الوضوء به ، ولو أصابت الثوب لا تمنع جواز الصلاة ، ولو تيمم جنب أو محدث من مكان ، ثم تيمم غيره من ذلك المكان أجزأه ; لأن التراب المستعمل ما التزق بيد المتيمم الأول لا ما بقي على الأرض ، فنزل ذلك منزلة ماء فضل في الإناء بعد وضوء الأول أو اغتساله به ، وذلك طهور في حق الثاني كذا هذا .