ولو قال : أحدكما حر بألف درهم فقبلا ، ثم قال : أحدكما حر بألف درهم ، أو قال : أحدكما حر بغير شيء ، فاللفظ الثاني لغو ; لأنهما لما قبلا العتق بالإيجاب الأول ، فقد نزل العتق في أحدهما لوجود شرط النزول وهو قبولهما ، فالإيجاب الثاني يقع جمعا بين حر وعبد ، فلا يصح ، ولو لم يقبلا ، ثم قال : أحدكما حر بغير شيء عتق أحدهما باللفظ الثاني بغير شيء ; لأنهما لما لم يقبلا لم ينزل العتق بالإيجاب الأول ، فصح الإيجاب الثاني وهو تنجيز العتق على أحدهما غير عين ، فيقال للمولى : اصرف اللفظ الثاني إلى أحدهما ، فإذا صرفه إلى أحدهما عتق ذلك بغير شيء ; لأن التنجيز حصل بغير بدل .
وأما الآخر فإن قبل البدل في المجلس يعتق وإلا فلا ; لأن الإيجاب الأول وقع صحيحا لحصوله بين عبدين ، وتعلق العتق بشرط القبول ، وقد وجد فيه ضرب إشكال ، وهو أن شرط وجوب الحرية لأحدهما هو قبولهما ، ولم يوجد ههنا إلا قبول أحدهما فينبغي أن لا يعتق العبد الآخر ، والجواب أن الإيجاب أضيف إلى أحدهما .
ألا يرى أنه قال : أحدكما حر وقد وجد القبول من أحدهما ههنا ، إلا أنه إذا لم ينجز عتق أحدهما يتوقف عتق أحدهما على قبولهما جميعا لاحتمال أنه أراد به الآخر ، فإذا عينه في التخيير علم أنه ما أراده بالإيجاب الأول ; لأن الإعتاق من المعتق لا يتصور فتعين الآخر للقبول ، وقد قبل فيعتق ، ولو قبلا جميعا قبل البيان عتقا ; لأن العتق لم ينزل بالإيجاب الأول ; لأنه تعليق العتق بشرط القبول ، فلا ينزل قبل وجود الشرط فيصح الإيجاب الثاني ، فإذا قبلا جميعا ، فقد تيقنا بعتقهما ; لأن أيهما أريد بالإيجاب الأول عتق بالقبول ، وأيهما أريد بالإيجاب الثاني عتق من غير قبول ; لأنه إيجاب بغير بدل ، فكان عتق كل واحد منهما متيقنا به لكن عتق أحدهما بالإيجاب الأول وعتق الآخر بالإيجاب الثاني فيعتقان ، ولا يقضى عليهما بشيء ; لأن أحدهما وإن عتق بالإيجاب ببدل إلا أنه مجهول ، والقضاء بإيجاب المال على المجهول متعذر
كرجلين قالا لرجل : لك على أحدنا ألف درهم أنه لا يلزمهما بهذا الإقرار شيء لكون المقضي عليه مجهولا كذا هذا ، ولو لم يقبلا جميعا ولكن قبل أحدهما لا يعتق إلا أحدهما لوجود شرط عتق أحدهما ، وهو قبول أحدهما في هذه الصورة لما بينا من الفقه ، ثم إن صرف المولى اللفظ الثاني إلى غير القابل عتق غير القابل بغير شيء وعتق القابل بألف ، وإن صرف اللفظ الثاني إلى القابل عتق القابل بغير شيء وعتق غير القابل باللفظ الأول بألف إن قبل في المجلس ; لأن القابل منهما يعتق بالإيجاب الأول ، وإنه إيجاب ببدل فيعتق ببدل ، وغير القابل يعتق بالإيجاب الثاني ، وإنه إيجاب بغير بدل فيعتق بغير بدل .