بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

صفحة جزء
ثم إن كان المدبر موسرا ، فللشريك خيارات : إن شاء أعتق ، وإن شاء دبر ، وإن شاء كاتب ، وإن شاء ضمن ، وإن شاء استسعى ، وإن شاء تركه على حاله وإن كان معسرا فلشريكه خمس خيارات : إن شاء أعتق ، وإن شاء دبر ، وإن شاء كاتب ، وإن شاء استسعى ، وإن شاء تركه على حاله وليس له أن يضمن وهذا قول أبي حنيفة ; لأن التدبير عنده متجزئ كالإعتاق ، فيثبت له الخيارات أما خيار العتق والتدبير والمكاتبة والسعاية ; فلأن نصيبه بقي على ملكه في حق التخريج إلى العتاق .

وأما خيار التضمين ; فلأنه بالتدبير أخرجه من أن يكون محلا للتمليك مطلقا بالبيع والهبة والرهن ونحو ذلك ، فقد أتلفه في حق هذه التصرفات فكان للشريك ولاية التضمين ، وأما خيار الترك على حاله ; فلأن الحرية لم تثبت في جزء منه فجاز بقاؤه على الرق ، وإنه مفيد ; لأن له أن ينتفع به منفعة الاستخدام فلا يكلف تخريجه إلى الحرية ما لم يمت المدبر ، فإن اختار تضمين المدبر فللمدبر أن يرجع بما ضمن على العبد ; لأن الشريك كان له أن يستسعيه فلما ضمن شريكه ، قام مقامه فيما كان له فإذا أدى عتق والولاء كله للمدبر ; لأن كله عتق على ملكه ; لانتقال نصيب شريكه إليه ، وإن اختار الاستسعاء أو الإعتاق كان الولاء بينهما ; لأن نصيب كل واحد منهما عتق على ملكه ، وأما إذا كان معسرا فلا حق له في الضمان ; لأن ضمان التدبير لا يجب مع الإعسار كما لا يجب ضمان الإعتاق فبقي أربع خيارات .

وأما على قول أبي يوسف ومحمد صار كله مدبرا ; لأن التدبير على أصلهما لا يتجزأ كالإعتاق المعجل ، وليس للشريك إلا التضمين موسرا كان المدبر أو معسرا على الرواية المشهورة عنهما ; لأن ضمان النقل والتمليك لا يختلف باليسار والإعسار كالبيع .

التالي السابق


الخدمات العلمية