وأما صفة العقد فهو
أنه عقد جائز غير لازم حتى لو والى رجلا كان له أن يتحول عنه بولائه إلى غيره ; لأنه عقد لا يملك به شيئا فلم يكن لازما كالوكالة والشركة ; لأنه بمنزلة الوصية بالمال ، والوصية غير لازمة ، فكذا عقد الموالاة ، إلا إذا عقل عنه لأنه إذا عقل عنه فقد تأكد العقل بقضاء القاضي وفي التحول به إلى غيره فسخ قضائه فلا يملك فسخ القضاء ، وكذا له أن يفسخه صريحا قبل أن يعقل عنه ; لأن كل عقد غير لازم لكل واحد من العاقدين فسخه ، كسائر العقود التي هي غير لازمة ، ولأن كل عقد يجوز لأحد العاقدين فسخه يجوز للآخر ، كسائر العقود القابلة للفسخ .
وها هنا يجوز لأحد العاقدين فسخه وهو القابل ، فكذا الآخر إلا أنه ليس له أن يفسخه إلا بحضرة الآخر أي بعلمه ; لأنه تعلق به حق الآخر فلا يملك إسقاطه مقصورا من غير علمه كعزل الوكيل مقصورا من غير علمه ،
[ ص: 172 ] إلا أن يوالي الأسفل آخر فيكون ذلك نقضا دلالة ، وإن لم يحضر صاحبه أو انتقاضا ضرورة ; لأنه لا يملك موالاة غيره إلا بانفساخ الأول ، فينفسخ الأول دلالة وضرورة ، وقد يثبت الشيء دلالة أو ضرورة ، وإن كان لا يثبت قصدا كمن وكل رجلا ببيع عبده ثم عزله ، والوكيل غائب لم يعلم به لم يصح عزله ، ولو باع العبد أو أعتقه انعزل الوكيل علم أو لم يعلم كذا هذا والله الموفق .