وأما بيان
ما يستأجر له في هذا النوع من الإجارة أعني إجارة المنازل ونحوها فليس بشرط ، حتى لو استأجر شيئا من ذلك ولم يسم ما يعمل فيه جاز ، وله أن يسكن فيه نفسه ومع غيره ، وله أن يسكن فيه غيره بالإجارة والإعارة ، وله أن يضع فيه متاعا ، وغيره غير أنه لا يجعل فيه حدادا ، ولا قصارا ، ولا طحانا ، ولا ما يضر بالبناء ويوهنه .
وإنما كان كذلك لأن الإجارة شرعت للانتفاع ، والدور والمنازل والبيوت ونحوها معدة للانتفاع بها بالسكنى ، ومنافع العقار المعدة للسكنى متقاربة ; لأن الناس لا يتفاوتون في السكنى ، فكانت معلومة من غير تسمية ، وكذا المنفعة لا تتفاوت بكثرة السكان وقلتهم إلا تفاوتا يسيرا ، وأنه ملحق بالعدم ووضع المتاع من توابع السكنى ، وذكر في الأصل أن له أن يربط في الدار دابته ، وبعيره ، وشاته ; لأن ذلك من توابع السكنى ، وقيل إن هذا الجواب على عادة أهل
الكوفة ، والجواب فيه يختلف باختلاف العادة ، فإن كان في موضع جرت العادة بذلك فله ذلك وإلا فلا ، وإنما لم يكن له أن يقعد فيه من يضر بالبناء ويوهنه من القصار والحداد
[ ص: 183 ] والطحان ; لأن ذلك إتلاف العين ، وأنه لم يدخل تحت العقد ، إذ الإجارة بيع المنفعة لا بيع العين ; ولأن مطلق العقد ينصرف إلى المعتاد ، والظاهر أن الحانوت الذي يكون في صف البزازين أنه لا يؤاجر لعمل الحداد والقصار والطحان ; فلا ينصرف مطلق العقد إليه ، إذ المطلق محمول على العادة فلا يدخل غيره في العقد إلا بالتسمية أو بالرضا ، حتى لو آجر حانوتا في صف الحدادين من حداد يدخل عمل الحدادة فيه من غير تسمية للعادة ، وإنما كان له أن يؤاجر من غيره ويعير ; لأنه ملك المنفعة فكان له أن يؤاجر من غيره بعوض وبغير عوض .
وأما في إجارة الأرض فلا بد فيها من بيان ما تستأجر له من الزراعة والغرس والبناء وغير ذلك ، فإن لم يبين كانت الإجارة فاسدة ، إلا إذا جعل له أن ينتفع بها بما شاء ، وكذا
إذا استأجرها للزراعة فلا بد من بيان ما يزرع فيها أو يجعل له أن يزرع فيها ما شاء ، وإلا فلا يجوز العقد ; لأن منافع الأرض تختلف باختلاف البناء والغرس والزراعة ، وكذا المزروع يختلف ، منه ما يفسد الأرض ، ومنه ما يصلحها ، فكان المعقود عليه مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فلا بد من البيان بخلاف السكنى فإنها لا تختلف