[ ص: 2 ] كتاب الاستصناع ) :
يحتاج لمعرفة مسائل هذا الكتاب إلى بيان
صورة الاستصناع ومعناه ، وإلى بيان جوازه ، وإلى بيان حكمه ، وإلى بيان صفته .
( فصل ) :
أما
صورة الاستصناع فهي أن يقول إنسان لصانع - من خفاف أو صفار أو غيرهما - : اعمل لي خفا ، أو آنية من أديم أو نحاس ، من عندك بثمن كذا ، ويبين نوع ما يعمل وقدره وصفته ، فيقول الصانع : نعم .
وأما معناه : فقد اختلف المشايخ فيه ، قال بعضهم : هو مواعدة وليس ببيع ، وقال بعضهم : هو بيع ، لكن للمشتري فيه خيار ، وهو الصحيح ; بدليل أن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمدا رحمه الله ذكر في جوازه القياس والاستحسان ، وذلك لا يكون في العدات ، وكذا أثبت فيه خيار الرؤية ، وأنه يختص بالبياعات ، وكذا يجري فيه التقاضي ، وإنما يتقاضى فيه الواجب - لا الموعود - ثم اختلفت عباراتهم عن هذا النوع من البيع .
قال بعضهم : هو عقد على مبيع في الذمة ، وقال بعضهم : هو عقد على مبيع في الذمة شرط فيه العمل .
وجه القول الأول : أن الصانع لو أحضر عينا ، كان عملها قبل العقد ، ورضي به المستصنع ; لجاز ، ولو كان شرط العمل من نفس العقد ; لما جاز ; لأن الشرط يقع على عمل في المستقبل - لا في الماضي - والصحيح هو القول الأخير ; لأن الاستصناع طلب الصنع ، فما لم يشترط فيه العمل لا يكون استصناعا ; فكان مأخذ الاسم دليلا عليه ; ولأن العقد على مبيع في الذمة يسمى سلما ، وهذا العقد يسمى استصناعا ، واختلاف الأسامي دليل اختلاف المعاني في الأصل وأما إذا أتى الصانع بعين صنعها قبل العقد ، ورضي به المستصنع ; فإنما جاز لا بالعقد الأول ، بل بعقد آخر ، وهو التعاطي بتراضيهما .