ولو
زاد المشتري البائع في الثمن فالزيادة لا تلزم الشفيع لأن الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالعقد ، والزيادة ما وجبت بالعقد في حق الشفيع لانعدامها وقت العقد حقيقة إلا أنها جعلت موجودة عند العقد في حق المتعاقدين تصحيحا لتصرفهما فلا يظهر الوجود في حق الشفيع فلم تكن الزيادة ثمنا في حقه بل كانت هبة مبتدأة فلا تتعلق بها الشفعة كالهبة المبتدأة ولو
حط البائع عن المشتري أو أبرأه عن البعض فالشفيع يأخذ بما بقي ; لأن حط بعض الثمن يلتحق بأصل العقد ويظهر في حق الشفيع كأن العقد ما ورد إلا على هذا القدر بخلاف الزيادة فإن التحاقها لا يظهر في حق الشفيع لما بينا ولأن في تصحيح الزيادة ثمنا في حق الشفيع ضررا به ولا ضرر عليه في الحط
، ولو حط جميع الثمن يأخذ الشفيع بجميع الثمن ولا يسقط عنه شيء لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد ; لأنه لو التحق لبطل البيع لأنه يكون بيعا بلا ثمن فلم يصح الحط في حق الشفيع والتحق في حقه بالعدم فيأخذ بجميع الثمن ولا يسقط عنه شيء ; لأن حط كل الثمن لا يلتحق بأصل العقد وصح في حق المشتري وإن كان إبراء له عن الثمن .
ولو اشترى دارا بثمن مؤجل فالشفيع بالخيار إن شاء أخذها بثمن حال وإن شاء انتظر مضي الأجل فأخذ عند ذلك ، وليس له أن يأخذها للحال بثمن مؤجل ; لأن الشفيع إنما يأخذ بما وجب بالبيع ، والأجل لم يجب بالبيع وإنما وجب بالشرط والشرط لم يوجد في حق الشفيع ولهذا لم يثبت خيار المشتري للشفيع بأن اشترى على أنه بالخيار ; لأن ثبوته بالشرط ولم يوجد من الشفيع ، وكذا البراءة عن العيب لا تثبت في حق الشفيع ; لأن ثبوتها بالشرط ولم يوجد مع الشفيع ، كذا هذا .
وله أن يمتنع من الأخذ في الحال ; لأن الشفيع غير مجبور على الأخذ بالشفعة ، ولو
اختار الشفيع أخذ الدار بثمن حال كان الثمن للبائع على المشتري إلى أجل لأن الأخذ من المشتري تملك منه بمنزلة التملك المبتدإ كأنه اشترى منه فلا يوجب بطلان البيع الأول فبقي الأول على حاله فكان الثمن على حاله إلى أجله .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف في شراء الدار بثمن مؤجل أنه يجب على الشفيع أن يطلب عند علمه بالبيع فإن سكت إلى حين محل الأجل فذلك تسليم منه ثم رجع وقال إذا طلب عند حل الأجل فله الشفعة وإن لم يطلب عند علمه بالبيع .
( وجه ) قوله الأول أن وقت الطلب هو وقت العلم بالبيع لا وقت حل الأجل فقد أخره عن وقته من غير عذر فبطل الحق .
( وجه ) قوله الآخر أن الطلب لا يراد لعينه بل لتأكيد الحق واستقراره ، والتأكيد لا يراد لنفسه بل لإمكان الأخذ ، وله أن لا يأخذ قبل حل الأجل فله أن لا يطلب قبل حله أيضا والله تعالى أعلم .