( وأما ) الاضطرارية فركنها العقر وهو الجرح في أي موضع كان وذلك في الصيد وما هو في معنى الصيد وإنما كان كذلك ; لأن
الذبح إذا لم يكن مقدورا ولا بد من إخراج الدم لإزالة المحرم وتطييب اللحم وهو الدم المسفوح على ما بينا فيقام سبب الذبح مقامه وهو الجرح على الأصل المعهود في الشرع من إقامة السبب مقام المسبب عند العذر والضرورة كما يقام السفر مقام المشقة ، والنكاح مقام الوطء ، والنوم مضطجعا أو متوركا مقام الحدث ، ونحو ذلك .
وكذلك ما ند من الإبل والبقر والغنم بحيث لا يقدر عليها صاحبها ; لأنها بمعنى الصيد وإن كان مستأنسا وقد روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=4779أن بعيرا ند على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرماه رجل فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فاصنعوا به هكذا } وسواء ند البعير والبقر في الصحراء أو في المصر فذكاتهما العقر كذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد ; لأنهما يدفعان عن أنفسهما فلا يقدر عليهما قال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : والبعير الذي ند على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان
بالمدينة فدل أن ند البعير في الصحراء والمصر سواء في هذا الحكم .
( وأما ) الشاة فإن ندت في الصحراء فذكاتها العقر ; لأنه لا يقدر عليها وإن ندت في المصر لم يجز عقرها ; لأنه يمكن أخذها إذ هي لا تدفع عن نفسها فكان الذبح مقدورا عليه فلا يجوز العقر وهذا ; لأن العقر خلف من الذبح والقدرة على الأصل تمنع المصير إلى الخلف كما في التراب مع الماء والأشهر
[ ص: 44 ] مع الأقراء وغير ذلك ، وكذلك
ما وقع منها في قليب فلم يقدر على إخراجه ولا على مذبحه ولا منحره فإن ذكاته ذكاة الصيد لكونه في معناه لتعذر الذبح والنحر ، وذكر في المنتقى في
البعير إذا صال على رجل فقتله وهو يريد الذكاة حل أكله إذا كان لا يقدر على أخذه وضمن قيمته ; لأنه إذا كان لا يقدر على أخذه صار بمنزلة الصيد فجعل الصيال منه كنده ; لأنه يعجز عن أخذه فيعجز عن نحره فيقام الجرح فيه مقام النحر كما في الصيد ثم لا خلاف في
الاصطياد بالسهم والرمح والحجر والخشب ونحوها أنه إذا لم يجرح لا يحل ، وأصله ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=5742أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيد المعراض فقال عليه الصلاة والسلام إذا خرق فكل وإن أصابه بعرض فلا تأكل فإنه وقيذ } .