ومنها
الإرسال أو الزجر عند عدمه على وجه ينزجر بالزجر فيما يحتمل ذلك وهو الكلب وما في معناه حتى لو ترسل بنفسه ولم يزجره صاحبه فيما ينزجر بالزجر لا يحل صيده الذي قتله ; لأن الإرسال في صيد الجوارح أصل ليكون القتل والجرح مضافا إلى المرسل إلا أن عند عدمه يقام الزجر مقام الانزجار فيما يحتمل قيام ذلك مقامه فإذا لم يوجد فلا تثبت الإضافة فلا يحل ، ولو
أرسل مسلم كلبه وسمى فزجره مجوسي فانزجر يؤكل صيده .
ولو
أرسل مجوسي كلبه فزجره مسلم فانزجر لا يؤكل صيده وكذلك لو
أرسل مسلم كلبه وترك التسمية عمدا فاتبع الصيد ثم زجره فانزجر لا يؤكل صيده
ولو لم يرسله أحد وانبعث بنفسه فاتبع الصيد فزجره مسلم وسمى فانزجر يؤكل صيده وإن لم ينزجر لا يؤكل ، وإنما كان كذلك ; لأن الإرسال هو الأصل والزجر كالخلف عنه والخلف يعتبر حال عدم الأصل لا حال وجوده .
ففي المسائل الثلاث وجد الأصل فلا يعتبر الخلف إلا أن في المسألة الأولى المرسل من أهل الإرسال فيؤكل صيده وفي المسألة الثانية لا فلا يؤكل ، وفي المسألة الثالثة لم يوجد الأصل فيعتبر الخلف فيؤكل صيده إن انزجر وإن لم ينزجر لا يؤكل ; لأن الزجر بدون الانزجار لا يصلح خلفا عن الإرسال فكان ملحقا بالعدم فيصير كأنه يرسل بنفسه من غير إرسال ولا زجر ولو
أرسله مسلم وسمى وزجره رجل ولم يسم على زجره فأخذ الصيد وقتله يؤكل لما ذكرنا أن العبرة للإرسال فيعتبر وجود التسمية عنده .
وأصل آخر لتخريج هذه المسائل ما ذكره بعض مشايخنا أن الدلالة لا تعتبر إذا وجد الصريح وإذا لم يوجد تعتبر ففي المسائل الثلاث وجد من الكلب صريح الطاعة بالإرسال حيث عدا بإرساله ، وانزجاره طاعة للزاجر بطريق الدلالة فلا يعتبر في مقابلة الصريح وفي المسألة الرابعة لم يوجد الصريح فاعتبرت الدلالة وعلى هذا يخرج بقية المسائل .