( وأما )
الذي يجب على الغني دون الفقير فما يجب من غير نذر ولا شراء للأضحية بل شكرا لنعمة الحياة وإحياء لميراث
الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله تعالى عز اسمه بذبح الكبش في هذه الأيام فداء عن ولده ومطية على الصراط ومغفرة للذنوب وتكفيرا للخطايا على ما نطقت بذلك الأحاديث ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر nindex.php?page=showalam&ids=14111والحسن بن زياد وإحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمهم الله .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله أنها لا تجب ، وبه أخذ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ، وحجة هذه الرواية ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17092ثلاث كتبت علي ولم تكتب عليكم الوتر والضحى والأضحى } .
وروي : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17092ثلاث كتبت علي وهي لكم سنة وذكر عليه الصلاة والسلام الأضحية } .
والسنة غير الواجب في العرف ، وروي أن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر وسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه أنه قال : قد يروح علي ألف شاة ولا أضحي بواحدة مخافة أن يعتقد جاري أنها واجبة ولأنها لو كانت واجبة لكان لا فرق فيها بين المقيم والمسافر لأنهما لا يفترقان في الحقوق المتعلقة بالمال كالزكاة وصدقة الفطر ثم لا تجب على المسافر فلا تجب على المقيم .
( ولنا ) قوله عز وجل {
فصل لربك وانحر } قيل في التفسير : صل صلاة العيد وانحر البدن بعدها ، وقيل : صل الصبح بجمع وانحر
بمنى ومطلق الأمر للوجوب في حق العمل ومتى وجب على النبي عليه الصلاة والسلام يجب على الأمة لأنه قدوة للأمة ، فإن قيل : قد قيل في بعض وجوه التأويل لقوله عز شأنه {
وانحر } أي ضع يديك على نحرك في الصلاة ، وقيل : استقبل القبلة بنحرك في الصلاة فالجواب أن الحمل على الأول أولى لأنه حمل اللفظ على فائدة جديدة ، والحمل على الثاني حمل على التكرار ; لأن وضع اليد على النحر من أفعال الصلاة عندكم يتعلق به كمال الصلاة ، واستقبال القبلة من شرائط الصلاة لا وجود للصلاة شرعا بدونه فيدخل تحت الأمر بالصلاة ، فكان الأمر بالصلاة أمرا به فحمل قوله عز شأنه " وانحر " عليه يكون تكرارا والحمل على ما قلناه يكون حملا على فائدة جديدة فكان أولى .
وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21257ضحوا فإنها سنة أبيكم إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام } أمر عليه الصلاة والسلام بالتضحية والأمر المطلق عن القرينة يقتضي الوجوب في حق العمل وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21681على أهل كل بيت في كل عام أضحاة وعتيرة } و " على " كلمة إيجاب ، ثم نسخت العتيرة فثبتت الأضحاة وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37350 : من لم يضح فلا يقربن مصلانا } وهذا خرج مخرج الوعيد على ترك الأضحية ، ولا وعيد إلا بترك الواجب وقال عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=36374 : من ذبح قبل الصلاة فليعد أضحيته ومن لم يذبح فليذبح بسم الله } أمر عليه الصلاة والسلام بذبح الأضحية وإعادتها إذا ذبحت قبل الصلاة ، وكل ذلك دليل الوجوب ولأن إراقة الدم قربة والوجوب هو القربة في القربات .
( وأما ) الحديث فنقول بموجبه إن الأضحية ليست بمكتوبة علينا ولكنها واجبة ، وفرق ما بين الواجب والفرض كفرق ما بين السماء والأرض على ما عرف في أصول الفقه ، وقوله : " هي لكم سنة " إن ثبت لا ينفي الوجوب ; إذ السنة تنبئ عن الطريقة أو السيرة وكل ذلك لا ينفي الوجوب .
( وأما ) حديث سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر [ ص: 63 ] وسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنهما فيحتمل أنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين لعدم غناهما لما كان لا يفضل رزقهما الذي كان في بيت المال عن كفايتهما ، والغنى شرط الوجوب في هذا النوع وقول
nindex.php?page=showalam&ids=91أبي مسعود رضي الله عنه لا يصلح معارضا للكتاب الكريم والسنة مع ما أنه يحتمل أنه كان عليه دين فخاف على جاره لو ضحى أن يعتقد وجوب الأضحية مع قيام الدين ويحتمل أنه أراد بالوجوب الفرض إذ هو الواجب المطلق فخاف على جاره اعتقاد الفرضية لو ضحى فصان اعتقاده بترك الأضحية فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يحمل على ما قلنا توفيقا بين الدلائل صيانة لها عن التناقض والاستدلال بالمسافر غير سديد لأن فيه ضرورة لا توجد في حق المقيم على ما نذكر في بيان الشرائط إن شاء الله تعالى عز شأنه .