( وأما ) المقدار في طعام الإباحة فأكلتان مشبعتان غداء وعشاء ، وهذا قول عامة العلماء .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس والشعبي أنه يطعمهم أكلة واحدة ، وقال
الحسن وجبة واحدة ، والصحيح قول العامة لأن الله - عز وجل - عرف هذا الإطعام بإطعام الأهل بقوله تعالى : {
من أوسط ما تطعمون أهليكم } ، وذلك أكلتان مشبعتان غداء وعشاء كذا هذا ، ولأن الله - جل شأنه - ذكر الأوسط .
والأوسط ما له حاشيتان متساويتان ، وأقل عدد له حاشيتان متساويتان ثلاثة ، وذلك يحتمل أنواعا ثلاثة : أحدها الوسط في صفات المأكول من الجودة والرداءة .
والثاني الوسط من حيث المقدار من السرف والقتر .
والثالث الوسط من حيث أحوال الأكل من مرة ومرتين وثلاث مرات في يوم واحد ، ولم يثبت بدليل عقلي ولا بسمعي تعيين بعض هذه الأنواع فيحمل على الوسط من الكل احتياطا ليخرج عن عهدة الفرض بيقين وهو أكلتان في يوم بين الجيد والرديء ، والسرف والقتر ، ولأن
[ ص: 103 ] أقل الأكل في يوم مرة واحدة وهو المسمى بالوجبة ، وهو في وقت الزوال إلى زوال يوم الثاني منه .
والأكثر ثلاث مرات غداء وعشاء وفي نصف اليوم ، والوسط مرتان غداء وعشاء وهو الأكل المعتاد في الدنيا وفي الآخرة أيضا ، قال الله - سبحانه وتعالى - في أهل الجنة {
ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا } ، فيحمل مطلق الإطعام على المتعارف ، وكذلك إذا غداهم وسحرهم ، أو عشاهم وسحرهم ، أو غداهم غداءين ، أو عشاهم عشاءين ، أو سحرهم سحورين لأنهما أكلتان مقصودتان ، فإذا غداهم في يومين أو عشاهم في يومين كان كأكلتين في يوم واحد معنى إلا أن الشرط أن يكون ذلك في عدد واحد ، حتى لو
غدى عددا وعشى عددا آخر لم يجزه لأنه لم يوجد في حق كل مسكين أكلتان .
ولهذا لم يجز مثله في التمليك بأن فرق حصة مسكين على مسكينين فكذا في التمكين ، وسواء كان الطعام مأدوما أو غير مأدوم ، حتى لو
غداهم وعشاهم خبزا بلا إدام أجزأه لقول الله تبارك وتعالى : {
فكفارته إطعام عشرة مساكين } مطلقا من غير فصل بين المأدوم وغيره وقد أطعم ، ولأن الله - عز شأنه - عرف الإطعام على وجه الإباحة بإطعام الأهل .
وذلك قد يكون مأدوما وقد يكون غير مأدوم فكذا هذا ، وكذلك
لو أطعم خبز الشعير أو سويقا أو تمرا أجزأه لأن ذلك قد يؤكل وحده في طعام الأهل ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13234ابن سماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه : قال إذا
أطعم مسكينا واحدا غداء وعشاء أجزأه من إطعام مساكين وإن لم يأكل إلا رغيفا واحدا ، لأن المعتبر هو الكفاية والكفاية قد تحصل برغيف واحد فلا يعتبر القلة والكثرة ، فإن ملكه الخبز بأن أعطاه أربعة أرغفة فإن كان يعدل ذلك قيمة نصف صاع من حنطة أجزأه ، وإن لم يعدل لم يجزه لأن الخبز غير منصوص عليه فكان جوازه باعتبار القيمة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف رحمه الله : لو
غدى عشرة مساكين في يوم ثم أعطاهم مدا مدا أجزأه لأنه جمع بين التمليك والتمكين وكل واحد منهما جائز حال الانفراد كذا حال الاجتماع ، ولأن الغداء مقدر بنصف كفاية المسكين والمد مقدر بنصف كفايته فقد حصلت له كفاية يوم فيجوز ، فإن أعطى غيرهم مدا مدا لم يجز لأنه فرق طعام العشرة على عشرين فلم يحصل لكل واحد منهم مقدار كفايته ، ولو
غداهم وأعطى قيمة العشاء فلوسا ودراهم أجزأه عندنا خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله لأن القيمة في الكفارة تقوم مقام المنصوص عليه عندنا وعنده لا تقوم .