( وأما )
السكر والفضيخ ونقيع الزبيب فيحرم شرب قليلها وكثيرها لما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : - {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14161الخمر من هاتين الشجرتين وأشار عليه الصلاة والسلام إلى النخلة والكرمة } والتي ههنا هو المستحق لاسم الخمر فكان حراما وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن
التداوي بالسكر فقال إن الله تبارك وتعالى لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال السكر هي الخمر ليس لها كنية وروي أنه لما سئل عن نقيع الزبيب قال الخمر أحيتها أشار إلى علة الحرمة وهي أن إيقاع الزبيب في الماء إحياء للخمر لأن الزبيب إذا نقع في الماء يعود عنبا فكان نقيعه كعصير العنب ، ولأن هذا لا يتخذ إلا للسكر فيحرم شرب قليلها وكثيرها فإن قيل أليس أن الله تبارك وتعالى قال {
ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا } وهذا خرج مخرج تذكير النعمة والتنبيه على
[ ص: 115 ] شكرها فيدل على حلها فالجواب قيل إن الآية منسوخة بآية تحريم الخمر فلا يصح الاحتجاج بها ، والثاني إن لم تكن منسوخة فيحتمل أن ذلك خرج مخرج التغيير أي إنكم تجعلون ما أعطاكم الله تعالى من ثمرات النخيل والأعناب التي هي حلال بعضها حراما وهو الشراب والبعض حلالا وهو الدبس والزبيب والخل ونحو ذلك نظيره قوله تعالى {
قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا } .
وعلى هذا كانت الآية حجة عليكم لأن التغيير على الحرام لا على الحلال ، ولا يكفر مستحلها ولكن يضلل لأن حرمتها دون حرمة الخمر لثبوتها بدليل غير مقطوع به من أخبار الآحاد وآثار الصحابة رضي الله عنهم على ما ذكرنا ولا يحد بشرب القليل منها لأن الحد إنما يجب بشرب القليل من الخمر ولم يوجد بالسكر لأن حرمة السكر من كل شراب كحرمة الخمر لثبوتها بدليل مقطوع به ، وهو نص الكتاب العزيز قال الله تعالى جل شأنه في الآية الكريمة {
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون } وهذه المعاني تحصل بالسكر من كل شراب فكانت حرمة السكر من كل شراب ثابتة بنص الكتاب العزيز كحرمة الخمر ولهذا جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحرمتين في قوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18061حرمت عليكم الخمر لعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب } .
ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام ما أراد به أصل الحرمة لأن ذلك لا يقف على السكر في كل شراب دل أن المراد منه الحرمة الكاملة التي لا شبهة فيها كحرمة الخمر وكذا جمع سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه بينهما في الحد فقال فيما أسكر من النبيذ ثمانون وفي الخمر قليلها وكثيرها ثمانون
ويجوز بيعها عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة مع الكراهة وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد لا يجوز أصلا ( وجه ) قولهما إن محل البيع هو المال وإنه اسم لما يباح الانتفاع به حقيقة وشرعا ولم يوجد فلا يكون مالا فلا يجوز بيعها كبيع الخمر .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه إن البيع مبادلة شيء مرغوب فيه بشيء مرغوب فيه قال الله تبارك وتعالى {
أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين } وقد وجد ههنا لأن الأشربة مرغوب فيها ، والمال اسم لشيء مرغوب فيه إلا أن الخمر مع كونها مرغوبا فيها لا يجوز بيعها بالنص الذي روينا والنص ورد باسم الخمر فيقتصر على مورد النص وعلى هذا الخلاف إذا أتلفها إنسان يضمن عنده وعندهما لا يضمن .