رجل رأى رجلا قتل أباه وادعى القاتل أنه قتله بقصاص أو ردة ولم يعلم الابن من ذلك شيئا وسع الابن أن يقتله لأنه عاين السبب الموجب للقصاص في الأصل وهو القتل العمد لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14641العمد قود إلا أن يعفى أو يفادى } والقاتل يدعي أمرا عارضا فلا يسمع إلا بحجة وكذلك إذا أقر بالقتل في السر ثم ادعى أنه قتله بقصاص أو بردة كان الابن في سعة من قتله لأن الإقرار بالقتل العمد إقرار بالسبب الموجب للقصاص في الأصل على ما بينا ولو لم يعاين القتل ولا أقر به عنده ولكن شهد عنده شاهدان عدلان على معاينة القتل أو على الإقرار به لم يسعه قتله حتى يقضي القاضي بشهادتهما فرقا بين الإقرار وبين الشهادة .
ووجه الفرق بينهما ظاهر لأن الشهادة ليست بحجة بنفسها بل بقضاء القاضي لما فيها من تهمة جر النفع فلا تندفع التهمة إلا بقضاء القاضي ( فأما ) الإقرار فحجة بنفسه إذ الإنسان غير متهم في الإقرار على نفسه فهو الفرق وكذلك يحل لمن عاين القتل أو سمع إقراره به أن يعين الولي على قتله لأنه إعانة لصاحب الحق على استيفاء حقه ظاهرا ولو شهد عند الابن اثنان بما يدعيه القاتل مما يحل دمه من القتل والردة فإن كانا ممن يقضي القاضي بشهادتهما لو شهدا عنده لا ينبغي للابن أن يعجل بالقتل لجواز أن يتصل القضاء بشهادتهما فيتبين أنه قتله بغير حق والامتناع عن المباح أولى من ارتكاب المحظور .
وإن كانا ممن لا يقضي القاضي بشهادتهما لو شهدا عنده كالمحدودين في القذف والنساء وحدهن كان في سعة من قتله لما ذكرنا أن الشهادة ليست بحجة بنفسها بل بقضاء القاضي فإن كانت ممن لا يتصل بها القضاء كان وجودها وعدمها بمنزلة واحدة ولكن مع هذا إن توقف في ذلك فهو أفضل لاحتمال اتصال القضاء به في الجملة أو لاحتمال أن يكون صدقا حقيقة عند الله عز وجل ولو شهد عنده رجل واحد عدل غير محدود في القذف ينبغي أن يتوقف في القتل لجواز أن ينضم إليه شاهد آخر ولهذا لو شهد عند القاضي لتوقف أيضا فكان الانتظار أفضل ولو لم ينتظر واستعجل في قتله كان في سعة منه لأن الموجود أحد شطري الشهادة وأنه لا يعتبر بدون الشطر الآخر .