والثاني
العدد في العاقد فلا يصلح الواحد عاقدا من الجانبين في باب البيع إلا الأب فيما يبيع مال نفسه من ابنه الصغير بمثل
[ ص: 136 ] قيمته أو بما يتغابن الناس فيه عادة ، أو يشتري مال الصغير لنفسه بذلك عند
أصحابنا الثلاثة استحسانا ، والقياس أن لا يجوز ذلك أيضا وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر رحمه الله وجه القياس أن الحقوق في باب البيع ترجع إلى العاقد وللبيع حقوق متضادة مثل التسليم والتسلم والمطالبة ، فيؤدي إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد مسلما ومتسلما طالبا ومطالبا ، وهذا محال ولهذا لم يجز أن يكون الواحد وكيلا من الجانبين في باب البيع لما ذكرنا من الاستحالة .
ويصلح رسولا من الجانبين ; لأن الرسول لا تلزمه الحقوق ، فلا يؤدي إلى الاستحالة ، وكدا القاضي يتولى العقد من الجانبين ; لأن الحقوق لا ترجع إليه فكان بمنزلة الرسول وبخلاف الوكيل في باب النكاح ; لأن الحقوق لا ترجع إليه فكان سفيرا محضا بمنزلة الرسول وجه الاستحسان قوله - تبارك وتعالى - {
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } فيملكه الأب ، وكذا البيع والشراء بمثل قيمته وبما يتغابن الناس فيه عادة قد يكون قربانا على وجه الأحسن بحكم الحال .
والظاهر أن الأب لا يفعل ذلك إلا في تلك الحال ; لكمال شفقته فكان البيع والشراء بذلك قربانا على وجه الأحسن ، وقوله يؤدي إلى الاستحالة قلنا : ممنوع ، فإنه يجعل كأن الصبي باع أو اشترى بنفسه ، وهو بالغ ، فتعدد العاقد حكما ، فلا يؤدي إلى الاستحالة .