وكذلك
إن كان كرما يدخل في بيعه ما فيه من الزراعة والعرائش والحوائط من غير ذكر قرينة ، ولا تدخل الفواكه والبقول والأصل أن كل ما ركب في الأرض يدخل وما لم يركب فيها أو ركب لا للبقاء بل لوقت معلوم لا يدخل ، وكذا يدخل الطريق إلى الطريق الأعظم والطريق إلى سكة غير نافذة من غير ذكر قرينة .
وإن ذكر شيئا من القرائن فإن ذكر الحقوق أو المرافق دخل فيها الشرب ومسيل الماء والطريق الخاص الذي يكون في ملك إنسان وهو حق المرور في ملكه ولا يدخل الزرع والثمر ; لأنها أعيان قائمة بنفسها فلا يتناولها اسم الحقوق والمرافق بخلاف الشرب والمسيل والتطرق فإنها عبارة عن حق الشرب والسقي والتسييل والمرور ; فيتناولها الاسم ، وإن ذكر القليل والكثير بأن قال : بعتها منك بكل قليل وكثير هو فيها ومنها فهل يدخل الزرع والثمر ؟ ينظر : إن قال في آخره : من حقوقها ; فلا يدخلان ; لأن قوله : من حقوقها خرج تفسيرا لأول الكلام فكأنه نص على البيع بحقوقها ، وإن لم يقل في آخره من حقوقها ; دخل فيه الزرع والثمر وكل ما كان متصلا به ; لأن اسم القليل والكثير فيه ومنه يتناول ذلك .
وأما المنفصل عنها كالثمار المجذوذة والزرع المحصود والحطب
[ ص: 165 ] واللبن والقصب الموضوع فلا يدخل في البيع إلا بالتسمية ، فرق بين البيع والإجارة أن الشرب والمسيل والطريق الخاص في ملك إنسان يدخل في الإجارة من غير ذكر الحقوق والمرافق وفي البيع لا يدخل بدونه .
والقياس أن لا يدخل في البابين جميعا إلا بالتسمية إلا أنهم استحسنوا في الإجارة ; لأنها تعقد للانتفاع بالمستأجر ولا يمكن الانتفاع به بدون الحقوق فصارت الحقوق مذكورة بذكر المستأجر دلالة بخلاف البيع فإنه يعقد للملك ، والانتفاع ليس من ضرورات الملك فإنه يثبت الملك فيما لا ينتفع به ، وكذا فرق بين البيع والرهن : فإن من رهن عند رجل أرضا فيها زرع وأشجار عليها ثمار وسلمها إليه أنه يدخل في الرهن كل ما كان متصلا بها من غير تسمية الحقوق والقليل والكثير .
( ووجه ) الفرق أن تمييز الرهن من غيره شرط صحة الرهن على ما نذكر في كتابه فمتى أقدما على عقد الرهن فقد قصدا صحته ولا صحة له إلا بدخول ما كان متصلا بالمرهون فدخل فيه تصحيحا للتصرف ; إذ لا صحة بدونه بخلاف البيع فإن تمييز المبيع من غيره ليس بشرط لصحة البيع ، فلا ضرورة في الدخول بغير التسمية فلا يدخل بدونها هذا إذا كان المبيع أرضا أو كرما .