[ ص: 168 ] ومنها ) : أن يكون مقدور التسليم من غير ضرر يلحق البائع فإن لم يمكن تسليمه إلا بضرر يلزمه فالبيع فاسد ; لأن الضرر لا يستحق بالعقد ولا يلزم بالتزام العاقد إلا ضرر تسليم المعقود عليه ، فأما ما وراءه فلا ، وعلى هذا يخرج ما إذا
باع جذعا له في سقف أو آجرا له في حائط أو ذراعا في ديباج أو كرباس أنه لا يجوز ; لأنه لا يمكنه تسليمه إلا بالنزع والقطع وفيه ضرر بالبائع والضرر غير مستحق بالعقد فكان هذا على هذا التقدير
بيع ما لا يجب تسليمه شرعا فيكون فاسدا فإن نزعه البائع أو قطعه وسلمه إلى المشتري قبل أن يفسخ المشتري البيع ; جاز البيع حتى يجبر المشتري على الأخذ ; لأن المانع من الجواز ضرر البائع بالتسليم فإذا سلم باختياره ورضاه فقد زال المانع فجاز البيع ولزم ، وفرق بين هذا وبين بيع
الألية في الشاة الحية والنوى في التمر والزيت في الزيتون والدقيق في الحنطة والبزر في البطيخ .
ونحوها أنه لا ينعقد أصلا حتى لو سلم ; لم يجز وقد ذكرنا وجه الفرق فيما تقدم والأصل المحفوظ أن ما لا يمكن تسليمه إلا بضرر يرجع إلى قطع اتصال ثابت بأصل الخلقة فبيعه باطل وما لا يمكن تسليمه إلا بضرر يرجع إلى قطع اتصال عارض فبيع فاسد إلا أن يقطع باختياره ويسلم فيجوز والقياس على هذا الأصل أن يجوز
بيع الصوف على ظهر الغنم ; لأنه يمكن تسليمه من غير ضرر يلزمه بالجز إلا أنهم استحسنوا عدم الجواز للنص وهو ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأن الجز من أصله لا يخلو عن الإضرار بالحيوان وموضع الجز فيما فوق ذلك غير معلوم فتجري فيه المنازعة فلا يجوز ولو
باع حلية سيف فإن كان يتخلص من غير ضرر يجوز وإن كان لا يتخلص إلا بضرر فالبيع فاسد إلا إذا فصل وسلم ، وعلى هذا
: بناء بين رجلين والأرض لغيرهما فباع أحدهما نصيبه من البناء لغير شريكه لم يجز ; لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر وهو نقض البناء ، وكذا
زرع بين رجلين أو ثمار بينهما في أرض لهما حق الترك فيها إلى وقت الإدراك فباع أحدهما نصيبه قبل الإدراك لم يجز ; لأنه لا يمكن تسليمه إلا بضرر صاحبه ; لأنه يجبر على القلع للحال وفيه ضرر به ، ولو باع بعد الإدراك جاز لانعدام الضرر وكذا إذا كان
الزرع كله لرجل ولم يدرك فباع الزرع لم يجز ; لأنه لا يمكن تسليمه إلا بقطع الكل وفيه ضرر ، ولو كان بعد الإدراك جاز لانعدام الضرر ،
دار أو أرض بين رجلين مشاع غير مقسوم فباع أحدهما بيتا منها بعينه قبل القسمة أو باع قطعة من الأرض بعينها قبل القسمة لم يجز لا في نصيبه ولا في نصيب صاحبه .
أما في نصيبه خاصة فظاهر ، وأما في نصيب صاحبه فلأن فيه إضرارا بصاحبه بإحداث زيادة شركة ولو باع جميع نصيبه من الدار والأرض جاز ; لأنه لم يحدث زيادة شركة ، وإنما قام المشتري مقام البائع ، ولو
باع اللؤلؤة في الصدفة ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي رحمه الله أنه لا يجوز ; لأنه لا يمكن تسليمها إلا بشق الصدفة وإنه ضرر فيما وراء المعقود فصار كبيع الجذع في السقف .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يجوز ; لأنه لا يتضرر بشق الصدفة ; لأن الصدف لا ينتفع به إلا بالشق ولو
باع قفيزا من هذه الصبرة أو عشرة دراهم من هذه النقرة جاز ; لأنه لا يتضرر بالفصل والتمييز وكذا لو
باع القوائم على رءوس الأشجار أو باع الثمار على رءوس الأشجار بشرط القطع أو مطلقا جاز لما قلنا وكذا لو
باع بناء الدار دون العرصة أو الأشجار القائمة على الأرض دون الأرض أو الزرع أو البقول القائمة قبل الجذ أنه يجوز ; لأنه يمكنه تسليم هذه الأشياء من غير ضرر والله سبحانه وتعالى أعلم .