( وأما ) بيع هذه الديون من غير من عليه ، والشراء بها من غير من عليه فينظر : إن أضاف البيع والشراء إلى الدين لم يجز بأن
يقول لغيره : بعت منك الدين الذي في ذمة فلان بكذا ، أو
يقول : اشتريت منك هذا الشيء بالدين الذي في ذمة فلان ; لأن ما في ذمة فلان غير مقدور التسليم في حقه ، والقدرة على التسليم شرط انعقاد العقد على ما مر ، بخلاف البيع ، والشراء بالدين ممن عليه الدين ; لأن ما في ذمته مسلم له ، وإن لم يضف العقد إلى الدين الذي عليه جاز ، ولو
اشترى شيئا بثمن دين ، ولم يضف العقد إلى الدين حتى جاز ، ثم أحال البائع على غريمه بدينه الذي له عليه جازت الحوالة سواء كان الدين الذي أحيل به دينا يجوز بيعه قبل القبض ، أو لا يجوز كالسلم ونحوه ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي رحمه الله أنه لا تجوز الحوالة بدين لا يجوز بيعه قبل القبض ، وهذا غير سديد ; لأن هذا توكيل بقبض الدين فإن المحال له يصير بمنزلة الوكيل للمحيل بقبض دينه من المحتال له .
والتوكيل بقبض الدين جائز أي دين كان ، ويكون قبض وكيله كقبض موكله ، ولو
باع هذا الدين ممن عليه الدين جاز بأن اشترى منه شيئا بعينه بدينه الذي له في ذمته ; لأنه باع ما هو مقدور التسليم عند الشراء ; لأن ذمته في
[ ص: 183 ] يده ، بخلاف الأول ، وكذا إذا صالح معه من دينه على شيء بعينه جاز الصلح ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .