( ومنها ) أن يكون البدلان متقومين شرعا ، وهو أن يكونا مضمونين حقا للعبد ، فإن كان أحدهما غير مضمون حقا للعبد لا يجري فيه الربا ، وعلى هذا الأصل يخرج ما إذا
دخل المسلم دار الحرب ، فبايع رجلا أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا درهما بدرهمين ، أو غير ذلك من البيوع الفاسدة في دار الإسلام أنه يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما لا يجوز ; لأن العصمة وإن كانت ثابتة فالتقوم ليس بثابت عنده ، حتى لا يضمن نفسه بالقصاص ولا بالدية عنده ، وكذا ماله لا يضمن بالإتلاف ; لأنه تابع للنفس ، وعندهما نفسه وماله معصومان متقومان .
والمسألة تأتي في كتاب السير ولو
دخل مسلمان دار الحرب فتبايعا درهما بدرهمين أو غيره من البيوع الفاسدة في دار الإسلام
[ ص: 193 ] لا يجوز ; لأن مال كل واحد منهما معصوم متقوم ، فكان التملك بالعقد فيفسد بالشرط الفاسد .
ولو
أسلم الحربي الذي بايع المسلم ودخل دار الإسلام ، أو أسلم أهل الدار فما كان من ربا مقبوض أو بيع فاسد مقبوض فهو جائز ماض ، وما كان غير مقبوض يبطل لقوله تعالى : {
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين } ، أمرهم سبحانه وتعالى بترك ما بقي من الربا ، والأمر بترك ما بقي من الربا نهي عن قبضه ، فكأنه تعالى قال : اتركوا قبضه فيقتضي حرمة القبض .
وروي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28758كل ربا في الجاهلية فهو موضوع تحت قدمي } ، والوضع عبارة عن الحط والإسقاط ، وذلك فيما لم يقبض ، ولأن بالإسلام حرم ابتداء العقد فكذا القبض بحكم العقد ; لأنه تقرير العقد وتأكيده فيشبه العقد فيلحق به ، إذ هو عقد من وجه فيلحق بالثابت من كل وجه في باب الحرمات احتياطا ، ومتى حرم القبض لم يكن في بقاء العقد فائدة .