( فصل ) :
وأما بيان ما يجوز من التصرف في المسلم فيه وما لا يجوز .
فنقول - وبالله التوفيق - : لا يجوز
استبدال المسلم فيه قبل قبضه بأن يأخذ رب السلم مكانه من غير جنسه لما ذكرنا أن المسلم فيه ، وإن كان دينا فهو مبيع ولا يجوز
بيع المبيع المنقول قبل القبض ، ويجوز الإبراء عنه ; لأن قبضه ليس بمستحق على رب السلم فكان هو بالإبراء متصرفا في خالص حقه بالإسقاط فله ذلك بخلاف الإبراء عن رأس المال ; لأنه مستحق القبض حقا للشرع فلا يملك إسقاطه بنفسه بالإبراء على ما ذكرنا ، وتجوز
الحوالة بالمسلم فيه لوجود ركن الحوالة مع شرائطه ، وكذلك
الكفالة به .
لما قلنا ، إلا أن في الحوالة يبرأ المسلم إليه وفي الكفالة لا يبرأ ، ورب السلم بالخيار إن شاء طالب المسلم إليه وإن شاء طالب الكفيل ; لأن الحوالة مبرئة والكفالة ليست بمبرئة إلا إذا كانت بشرط براءة المكفول عنه ; لأنها حوالة معنى على ما ذكرنا ، ولا يجوز لرب السلم الاستبدال مع الكفيل كما لا يجوز ذلك مع المسلم إليه ; لأنه كفيل بما على المسلم إليه لا بدين آخر ; إذ الدين واحد ، وإنما تعددت المطالبة بالكفالة ، وهو الصحيح على ما يجيء في كتاب الكفالة ، ويجوز
للكفيل أن يستبدل مع المسلم إليه عند الرجوع فيأخذ بدل ما أدى إلى رب السلم ; لأن الكفالة إذا كانت بأمر المكفول عنه كانت إقراضا واستقراضا ، كأن الكفيل أقرض المسلم إليه
واستبدال القرض قبل القبض جائز ، ويجوز
الرهن بالمسلم فيه ; لأنه دين حقيقة ، والرهن بالدين أي دين كان جائز .