فأما إذا كان معه عدد من الأقارب كل واحد ذو رحم محرم من الصغير فلا يخلو إما أن كانا أبوين أو غيرهما من ذوي الأرحام فإن كانا أبوين يكره التفريق بينه وبين أحدهما بلا خلاف ، وإن كانا ممن سواهما من ذوي الرحم المحرم ، فإما أن كان أحدهما أقرب من الصغير والآخر أبعد منه ، وإما أن كانا في القرب منه على السواء فإن كان أحدهما أقرب لا بأس بالتفريق بين الصغير وبين الأبعد منهما ; لأن شفقة الأقرب تغني عن شفقة الأبعد فلم يكن التفريق إضرارا بالصغير سواء اتفقت قرابة الكبيرين كالأب مع الجد والأم مع الجدة أو الخالة أو الخال أو اختلفت كالأم مع العمة أو العم .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يكره التفريق بينه وبين أحدهما كيف ما كان ; لأن كل واحد منهما له شفقة على الصغير وتزول بالتفريق .
وإن كان الكبيران في القرب من الصغير شرعا سواء ينظر إن اتفقت جهة قرابتهما كالعمتين والخالتين والأخوين لأب وأم أو لأب ، فالقياس أن يكره التفريق بين الصغيرين وبين أحدهما ، وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وفي الاستحسان لا يكره إذا بقي مع الصغير قريب واحد ; لأن لكل واحد منهما شفقة على حدة على الصغير فلا تقوم شفقة أحدهما مقام الآخر ، وكذا قد يختص أحدهما بزيادة شفقة ليست في الآخر فكان التفريق إضرارا بتفويت شفقته من حيث الأصل أو من حيث القدر فيكره .
( وجه ) الاستحسان أن كراهة التفريق للإضرار بالصغير بتفويت النظر وعند اتحاد جهة القرابة والتساوي في القرب من الصغير كان معنى
[ ص: 231 ] النظر حاصلا ببقاء أحدهما بخلاف ما إذا اختلفت الجهة ; لأن عند اختلاف جهة القرابة تختلف الشفقة فيحصل من كل واحد منهما ما لا يحصل بالآخر فكان التفريق إضرارا ، وكذلك لو
ملك ستة إخوة أو ستة أخوات ثلاثة منهم كبار وثلاثة صغار لا بأس ببيع كل صغير مع كل كبير لما قلنا ولو
كان مع الصغير أبوان حكما بأن ادعياه حتى ثبت نسبه منهما ثم اجتمعوا في ملك شخص واحد ، فالقياس أن لا يكره بيع أحدهما لاتحاد جهة القرابة ، وهي قرابة الأبوة كالعمين والخالين ونحو ذلك وفي الاستحسان يكره ; لأن أباه أحدهما حقيقة فكان الثابت قرابة أحدهما حقيقة إلا أنا حكمنا بثبات نسبه منهما لاستوائهما في الدعوة ، ولكن الأب في الحقيقة أحدهما .
فلو باع أحدهما لاحتمل أنه باع الأب فيتحقق التفريق بخلاف ما إذا كان للصغير أب وأم حيث يكره بيع أحدهما ; لأن قرابة كل واحد منهما متحققة فكان البيع تفريقا بين الصغير وبين أحد أبويه بيقين فيكره ، وإن اختلفت جهة قرابة الكبيرين كالعمة مع الخالة والعم مع الخال والأخ لأب مع الأخ لأم وما أشبه ذلك يكره التفريق ; لأن من يدلي بقرابة الأب إلى الصغير يقوم مقام الأب ، والذي يدلي إليه بقرابة الأم يقوم مقام الأم فصار كما لو كان مع الصغير أبا وأما ، ولو كان كذلك يكره التفريق كذا هذا .