( وأما ) البيع الذي فيه خيار فلا يمكن معرفة حكمه إلا بعد معرفة .
أنواع الخيارات فنقول وبالله التوفيق : الخيارات نوعان : نوع يثبت شرطا ، ونوع يثبت شرعا لا شرطا ، والشرط لا يخلو إما أن يثبت نصا ، وإما أن يثبت دلالة .
( أما ) الخيار الثابت بالشرط فنوعان : أحدهما يسمى خيار التعيين ، والثاني خيار الشرط .
( أما ) خيار التعيين : فالكلام فيه في
جواز البيع الذي فيه خيار التعيين ، قد ذكرناه في موضعه ، وإنما الحاجة ههنا إلى .
بيان حكم هذا البيع ، وإلى بيان صفة الحكم ، وإلى بيان ما يبطل به الخيار بعد ثبوته ويلزم ( أما ) الأول : فحكمه ثبوت الملك للمشتري في أحد المذكورين غير عين وخيار التعيين إليه ، عرف ذلك بنص كلامهما حيث
قال البائع : بعت منك أحد هذين الثوبين أو هذين العبدين أو الدابتين أو غيرهما من الأشياء المتفاوتة على أن تأخذ أيهما شئت وقبل المشتري ، وهذا يوجب ثبوت الملك للمشتري في أحدهما وثبوت خيار التعيين له ، والآخر يكون ملك البائع أمانة في يده إذا قبضه ; لأنه قبضه بإذن المالك لا على وجه التمليك ولا على وجه الثبوت فكان أمانة ، وليس للمشتري أن يأخذهما جميعا ; لأن المبيع أحدهما ، ولو هلك أحدهما قبل القبض لا يبطل البيع ; لأنه يحتمل أن يكون الهالك هو المبيع فيبطل البيع بهلاكه ، ويحتمل أن يكون غيره فلا يبطل ، والبيع قد صح بيقين ووقع الشك في بطلانه فلا يبطل بالشك ، ولكن المشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بثمنه وإن شاء ترك ; لأن المبيع قد تغير قبل القبض بالتعيين فيوجب الخيار .
وكذلك لو كان اشترى أحد الأثواب الثلاثة فهلك واحد منها وبقي اثنان لا يبطل البيع لما قلنا ، وللمشتري أن يأخذ أيهما شاء ; لأن المالك إذا لم يعين المبيع كان المبيع أحد الباقين فكان له أن يأخذ أيهما شاء وله أن يتركهما كما لو اشترى أحدهما من الابتداء ، ولو هلك الكل قبل القبض بطل البيع ; لأن المبيع قد هلك بيقين فيبطل البيع والله عز وجل أعلم .