ولو كان المبيع دابة ، فركبها ، فإن ركبها لحاجة نفسه كان إجازة ، وإن ركبها ليسقيها أو يشتري لها علفا أو ليردها على بائعها ، فالقياس أن يكون إجازة ; لأنه يمكنه أن يفعل ذلك قودا ، وفي الاستحسان لا يكون إجازة ، وهو على خياره ; لأن ذلك مما لا بد منه خصوصا إذا كانت الدابة صعبة لا تنقاد بالقود ، فكان ذلك من ضرورات الرد ، فلا يجعل إجازة ، ولو ركبها ; لينظر إلى سيرها لا يبطل خياره ; لأنه لا بد له من ذلك للاختيار بخلاف خيار العيب أنه إذا ركبها بعدما علم بالعيب أنه يبطل خياره ; لأن له منه بدا ، ولا حاجة إلى الركوب هناك لمعرفة سيرها ، فكان دليل الرضا بالعيب .
ولو كان المبيع ثوبا ، فلبسه ; لينظر إلى قصره من طوله وعرضه لا يبطل خياره ; لأن ذلك مما يحتاج إليه للتجربة والامتحان أنه يوافقه أم لا ، فلم يكن منه بد ، ولو ركب الدابة ; ليعرف سيرها ثم ركبها مرة أخرى ينظر إن ركبها لمعرفة سير آخر غير الأول بأن ركبها مرة ; ليعرف أنها هملاج ، ثم ركبها ثانيا ليعرف سرعة عدوها ، فهو على خياره ; لأن معرفة السيرين مقصودة تقع الحاجة إليها في بعض الدواب ، وإن ركبها لمعرفة السير الأول قالوا : يسقط خياره ، وكذا في استخدام الرقيق إذا استخدمه في نوع ، ثم استخدمه في ذلك النوع قالوا : يسقط خياره ، وبعض مشايخنا قالوا : لا يسقط ; لأن الاختبار لا يحصل بالمرة الواحدة لجواز أن الأول ، وقع اتفاقا ، فيحتاج إلى التكرار لمعرفة العادة ، وفي الثوب إذا لبسه مرة لمعرفة الطول والعرض ، ثم لبسه ثانيا يسقط خياره ; لأنه لا حاجة إلى تكرار اللبس في الثوب لحصول المقصود باللبس مرة واحدة .
ولو حمل على الدابة علفا ، فهو إجازة ; لأنه يمكنه حمل العلف على غيرها ، ولو قص حوافرها أو أخذ من عرفها شيئا ، فهو على خياره ; لأنه تصرف لا يختص بالملك إذ هو من باب إصلاح الدابة ، فيملكه كل واحد ، ويكون مأذونا فيه دلالة ، كما إذا علفها أو سقاها ، ولو ودجها أو بزغها ، فهو إجازة ; لأنه تصرف فيها بالتنقيص ،
فإن كان شاة ، فحلبها أو شرب لبنها ، فهو إجازة ; لأنه لا يحل إلا بالملك أو الإذن من المالك ، ولم يوجد الإذن ، فكان دليلا على قصد التملك أو التقرير ، فيكون إجازة .