ولو
تعيب المبيع في يد البائع ، فإن كان بآفة سماوية أو بفعل المبيع لا يبطل البيع ، وهو على خياره ; لأن ما انتقص منه من غير فعله ، فهو غير مضمون عليه حيث لا يسقط بحصته شيء من الثمن ، فلا ينفسخ البيع في قدر الضمان بإبقاء الخيار ; لأنه يؤدي إلى تفريق الصفقة على المشتري ، فإن شاء فسخ البيع ، وإن شاء أجازه ، فإن أجازه ، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذه بجميع الثمن ، وإن شاء ترك لتغير المبيع قبل القبض ، وإن كان بفعل البائع بطل البيع ; لأن ما انتقص بفعله ، فهو مضمون عليه حتى يسقط عن المشتري حصة قدر النقصان من الثمن ، فالإجازة تتضمن تفريق الصفقة على المشتري قبل التمام ، وإن كان بفعل أجنبي لم يبطل البيع ، وهو على خياره ; لأن قدر النقصان هلك إلى خلف ، وهو الضمان ، فكان قائما معنى ، ولم يبطل البيع في قدر الهالك .
فكان البائع على خياره إن شاء ; فسخ البيع ، واتبع الجاني بالأرش ، وإن شاء ; أجاز ، واتبع المشتري بالثمن ، والمشتري يتبع الجاني بالأرش ، وكذلك لو تعيب بفعل المشتري لا يبطل البيع ، والبائع
[ ص: 273 ] على خياره ; لأن المبيع على ملك البائع ، فكان قدر النقصان مضمونا على المشتري ، فكان هلاكا إلى خلف ، فكان البيع على حاله ، والبائع على خياره إن شاء ; فسخ البيع ، واتبع المشتري بالضمان ، وإن شاء ; أجازه ، واتبع المشتري بالثمن ، وكذلك إذا
تعيب في يد المشتري بفعل أجنبي أو بفعل المشتري أو بآفة سماوية .
فالبائع على خياره ، فإن شاء ; أجاز البيع ، وإن شاء فسخه ، فإن أجاز ; أخذ من المشتري جميع الثمن سواء كان التعيب بفعل المشتري أو بفعل الأجنبي أو بآفة سماوية ; لأن البيع جاز في الكل ، ولا يكون للمشتري خيار الرد بحدوث التغير في المبيع ; لأنه حدث في يده في ضمانه غير أنه إن كان التعيب بفعل المشتري ، فلا سبيل له على أحد ، وإن كان بفعل الأجنبي ، فللمشتري أن يتبع الجاني بالأرش ; لأنه ملك العبد بإجازة البائع من وقت البيع ، فتبين أن الجناية حصلت على ملكه ، وإن فسخ ينظر إن كان التعيب بفعل المشتري ، فإن البائع يأخذ الباقي ، ويأخذ أرش الجناية من المشتري ; لأن العبد كان مضمونا على المشتري بالقيمة ألا ترى أنه لو هلك في يده لزمته قيمته ، وبالفسخ وجب عليه رده ، وقد عجز عن رد قدر الفائت ، فيلزمه رد قيمته .
وكذا إذا تعيب بآفة سماوية لما قلنا ، وإن كان التعيب بفعل أجنبي ، فالبائع بالخيار إن شاء ; اتبع الأجنبي بالأرش ; لأن الجناية حصلت على ملكه ، وإن شاء ; اتبع المشتري ; لأن الجناية حصلت في ضمان المشتري ، فإن اختار اتباع الأجنبي ; فالأجنبي لا يرجع على أحد ; لأنه ضمن بفعل نفسه ، وإن اختار اتباع المشتري ، فالمشتري يرجع بما ضمن من الأرش على الأجنبي ; لأن المشتري قام مقام البائع في حق ملك بدل الفائت ، وإن لم يقم مقامه في حق ملك نفس الفائت كغاصب المدبر إذا قتل المدبر في يده ، وضمنه للمالك أن له أن يرجع بما ضمن على القاتل ، وإن لم يملك نفس المدبر كذا هذا والله عز وجل أعلم .