( وأما ) صفته ، فهي أنه ملك غير لازم ; لأن السلامة شرط في العقد دلالة ، فما لم يسلم المبيع لا يلزم البيع ، فلا يلزم حكمه ، والدليل على أن السلامة مشروطة في العقد دلالة أن السلامة في البيع مطلوبة المشتري عادة إلى آخره ; لأن غرضه الانتفاع بالمبيع ، ولا يتكامل انتفاعه إلا بقيد السلامة ، ولأنه لم يدفع جميع الثمن إلا ليسلم له جميع المبيع ، فكانت السلامة مشروطة في العقد دلالة ، فكانت كالمشروطة نصا ، فإذا ، فاتت المساواة كان له الخيار ، كما إذا
اشترى جارية على أنها بكر أو على أنها طباخة ، فلم يجدها كذلك ، وكذا السلامة من مقتضيات العقد أيضا ; لأنه عقد معاوضة ، والمعاوضات مبناها على المساواة عادة وحقيقة ، وتحقيق المساواة في مقابلة البدل بالمبدل ، والسلامة بالسلامة ، فكان إطلاق العقد مقتضيا للسلامة ، فإذا لم يسلم المبيع للمشتري يثبت له الخيار ; لأن المشتري يطالبه بتسليم قدر الفائت بالعيب بحكم العقد ، وهو عاجز عن تسليمه ، فيثبت الخيار ، ولأن السلامة لما كانت مرغوبة المشتري ، ولم يحصل ، فقد اختل رضاه ، وهذا يوجب الخيار ; لأن الرضا شرط صحة البيع قال الله تعالى : {
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } ، فانعدام الرضا يمنع صحة البيع ، واختلاله يوجب الخيار فيه إثباتا للحكم على قدر الدليل ، والأصل في شرعية هذا الخيار ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35801من اشترى شاة محفلة ، فوجدها مصراة ، فهو بخير النظرين ثلاثة أيام ، وفي رواية ، فهو بأحد النظرين إلى ثلاثة إن شاء أمسك ، وإن شاء رد ، ورد معها صاعا من تمر } ، والنظران المذكوران هما نظر الإمساك والرد ، وذكر الثلاث في الحديث ليس للتوقيت ; لأن هذا النوع من الخيار ليس بموقت بل هو بناء الأمر على الغالب المعتاد ; لأن المشترى إن كان به عيب يقف عليه المشتري في هذه المدة عادة ، فيرضى به ، فيمسكه أو لا يرضى به ، فيرده ، والصاع من التمر كأنه قيمة اللبن الذي حلبه المشتري علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق المشاهدة ، والله عز وجل أعلم .