ولو
باعه فرد عليه بخيار شرط أو رؤية أو عيب بقضاء قاض وعاد على حكم الملك الأول عاد حق الفسخ ; لأن الرد بهذه الوجوه فسخ محض فكان دفعا للعقد من الأصل وجعلا له كأن لم يكن ، ولو اشتراه ثانيا أو عاد إليه بسبب مبتدإ لا يعود الفسخ ; لأن الملك اختلف لاختلاف السبب فكان اختلاف الملكين بمنزلة اختلاف العقدين .
ولو أعتقه المشتري أو دبره بطل حق الفسخ لما قلنا ولأن الإعتاق والتدبير كل واحد منهما تصرف لا يحتمل الفسخ بعد صحته فيوجب بطلان حق الاسترداد ، والفسخ ضرورة ، وكذلك لو استولدها ; لما قلنا وتصير الجارية أم ولد المشتري ; لأن الاستيلاد قد صح لحصوله في ملكه ، وعلى المشتري قيمة الجارية لتعذر الرد بالاستيلاد فصار كما لو هلكت في يده ، وهل يغرم العقر ؟ ذكر في البيوع أنه لا يغرم ، وفي الشرب روايتان والصحيح أنه لا يضمن العقر ; لأنه وطئ ملك نفسه ، وقد تقرر ملكه بالاستيلاد لتعذر الرد ، ولو وطئها المشتري ولم يعلقها لا يبطل حق الفسخ وللبائع أن يسترد الجارية مع عقرها باتفاق الروايات ، فرق بين هذا وبين الجارية الموهوبة إذا وطئها الموهوب له وأعلقها ثم رجع الواهب في هبته وأخذ الجارية أن الموهوب له لا
[ ص: 302 ] يضمن العقر .
( ووجه ) الفرق أن الثابت بالهبة ملك محلل للوطء ، وبالرجوع لم يتبين أن حل الوطء لم يكن فكان مستمتعا بملك نفسه فلا عقر عليه بخلاف البيع الفاسد ; لأن الملك الثابت به لا يظهر في حق حل الوطء فكان الوطء حراما إلا أنه سقط عنه الحد للشبهة فوجب العقد وكذلك لو كاتبه ; لأن الكتابة قد صحت لوجودها في الملك ولا سبيل للبائع إلى نقضها لحصولها من المشتري بتسليط البائع فلا يكون له حق النقض عليه ، وعلى المشتري قيمة العبد فإن أدى بدل الكتابة وعتق تقرر على المشتري ضمان القيمة ، وإن عجز ورد في الرق ينظر إن كان ذلك قبل القضاء بالقيمة على المشتري فللبائع أن يسترده ; لأنه كان مستحق الرد قبل الكتابة لعدم لزوم الملك إلا أنه امتنع الرد لعارض الكتابة ، فإن عجز ورد في الرق قبل القضاء بالقيمة فقد زال العارض والتحق بالعدم كأنه لم يكن فعاد مستحق الرد على المشتري كما كان .
وإن كان بعد ما قضى عليه بالقيمة لا سبيل للبائع على العبد ; لأنه بالقضاء بالقيمة تقرر ملك المشتري في العبد ولزم من وقت وجوده فيعود إليه لازما والملك اللازم لا يحتمل الفسخ والله عز وجل أعلم وكذلك لو رهنه المشتري بطل حق الفسخ وولاية الاسترداد لما ذكرنا ، ولو افتكه المشتري فهو على التفصيل الذي ذكرنا في الكتابة ، ولو أجره صحت الإجارة لما قلنا ، ولكن لا يبطل حق الفسخ ; لأن الإجارة وإن كانت عقدا لازما إلا أنها تفسخ بالعذر ولا عذر أقوى من رفع الفساد فتنفسخ به وسلمت الأجرة للمشتري ; لأن المنافع على أصل أصحابنا لا تتقوم إلا بالعقد والعقد وجد من المشتري فكانت الأجرة له ، وهل تطيب له ؟ ينظر إن كان قد أدى ضمان القيمة ثم آجر طابت الأجرة له ; لأن الضمان بدل المضمون ، قائم مقامه ، فكانت الأجرة ربح ما قد ضمن ، وإن آجر ثم أدى الضمان لا تطيب له لأنها ربح ما لم يضمن ، ولو أوصى به صحت الوصية لما قلنا ثم إن كان الموصي حيا بعد فللبائع حق الاسترداد ; لأن الوصية تصرف غير لازم حال حياة الموصي بل محتمل .
وإن مات بطل حقه ; لأن الثابت للموصى له ملك جديد بخلاف الثابت للوارث بأن مات المشتري شراء فاسدا ; لأنه لا يبطل حق الفسخ وللبائع أن يسترد من ورثته ، وكذا إذا مات البائع فلورثته ولاية الاسترداد ; لأن الثابت للوارث عين ما كان للمورث وإنما هو خلفه قائم مقامه ولهذا يرد الوارث بالعيب ويرد عليه ، وملك المورث مضمون الرد مستحق الفسخ بخلاف الموصى له فإن الثابت ملك جديد حصل بسبب جديد ولهذا لم يرد بالعيب ولا يرد عليه وإنه لم يكن مستحق الفسخ .