( فصل ) :
وأما بيان
مقام الإمام والمأموم فنقول : إذا كان سوى الإمام ثلاثة يتقدمهم الإمام لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل الأمة بذلك .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40937إن جدتي مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طعام فقال صلى الله عليه وسلم : قوموا لأصلي بكم ، فأقامني واليتيم من ورائه ، وأمي أم سليم من ورائنا } ; ولأن الإمام ينبغي أن يكون بحال يمتاز بها عن غيره ولا يشتبه على الداخل ليمكنه الاقتداء به ، ولا يتحقق ذلك إلا بالتقدم .
ولو قام في وسطهم أو في ميمنة الصف أو في ميسرته جاز وقد أساء ، أما الجواز فلأن الجواز يتعلق بالأركان وقد وجدت .
وأما الإساءة فتركه السنة المتواترة ، وجعل نفسه بحال لا يمكن الداخل الاقتداء به ، وفيه تعريض اقتدائه للفساد ، ولذلك إذا كان سواه اثنان يتقدمهما في ظاهر الرواية .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يتوسطهما لما روي عن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=93302 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه صلى بعلقمة والأسود وقام وسطهما ، وقال هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم } .
( ولنا ) ما روينا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=40937أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأنس واليتيم وأقامهما خلفه } ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي الله عنهما وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فهذه الزيادة وهي قوله : صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ترو في عامة الروايات فلم يثبت وبقي مجرد الفعل ، وهو محمول على ضيق المكان ، كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي ، وهو كان أعلم الناس بأحوال
عبد الله ومذهبه .
ولو ثبتت الزيادة فهي أيضا محمولة على هذه الحالة أي : هكذا صنع بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ضيق المكان ، على أن الأحاديث إن تعارضت وجب المصير إلى المعقول الذي لأجله يتقدم الإمام ، وهو ما ذكرنا أنه يتقدم لئلا يشتبه حاله ، وهذا المعنى موجود فيما نحن فيه ، غير أن ههنا لو قام الإمام وسطهما لا يكره لورود الأثر وكون التأويل من باب الاجتهاد .
وإن كان مع الإمام رجل واحد أو صبي يعقل الصلاة يقف عن يمين الإمام لما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16095بت عند خالتي ميمونة لأراقب صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : نامت العيون وغارت النجوم وبقي الحي القيوم ، ثم قرأ آخر آل عمران { إن في خلق السماوات والأرض } الآيات ، ثم قام إلى شن [ ص: 159 ] معلق في الهواء فتوضأ وافتتح الصلاة ، فتوضأت ووقفت عن يساره ، فأخذ بأذني - وفي رواية بذؤابتي - وأدارني خلفه حتى أقامني عن يمينه ، فعدت إلى مكاني فأعادني ثانيا وثالثا ، فلما فرغ قال : ما منعك يا غلام أن تثبت في الموضع الذي أوقفتك فيه ؟ فقلت : أنت رسول الله ولا ينبغي لأحد أن يساويك في الموقف فقال صلى الله عليه وسلم : اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ، فإعادة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه إلى الجانب الأيمن } دليل على أن المختار هو الوقوف على يمين الإمام إذا كان معه رجل واحد ، وكذا روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16094عن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله عنه أنه قام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله وأقامه عن يمينه } ، ثم إذا وقف عن يمينه لا يتأخر عن الإمام في ظاهر الرواية ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنه ينبغي أن تكون أصابعه عند عقب الإمام ، وهو الذي وقع عند العوام .
ولو كان المقتدي أطول من الإمام وكان سجوده قدام الإمام لم يضره ; لأن العبرة لموضع الوقوف لا لموضع السجود ، كما لو وقف في الصف ووقع سجوده أمام الإمام لطوله ولو وقف عن يساره جاز ; لأن الجواز متعلق بالأركان ، ألا ترى أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة رضي الله عنهما وقفا في الابتداء عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جوز اقتداءهما به ؟ ولكنه يكره ; لأنه ترك المقام المختار له ، ولهذا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة وقف خلفه جاز لما مر ، وهل يكره ؟ لم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد الكراهة نصا ، واختلف المشايخ فيه : قال بعضهم : لا يكره ; لأن الواقف خلفه أحد الجانبين منه على يمينه فلا يتم إعراضه عن السنة ، بخلاف الواقف على يساره .
وقال بعضهم : يكره ; لأنه يصير في معنى المنفرد خلف الصف وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30887 : لا صلاة لمنبذ خلف الصفوف } ، وأدنى درجات النهي هو الكراهة ، وإنما نشأ هذا الاختلاف عن إشارة
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فإنه قال : وإن صلى خلفه جازت صلاته ، وكذلك إن وقف عن يسار الإمام وهو مسيء - فمنهم من صرف جواب الإساءة إلى آخر الفعلين ذكرا ، ومنهم من صرفه إليهما جميعا ، وهو الصحيح ; لأنه عطف أحدهما على الآخر بقوله : " وكذلك " ، ثم أثبت الإساءة فينصرف إليهما .
وإذا
كان مع الإمام امرأة أقامها خلفه ; لأن محاذاتها مفسدة ، وكذلك لو كان معه خنثى مشكل لاحتمال أنه امرأة ولو
كان معه رجل وامرأة ، أو رجل وخنثى ، أقام الرجل عن يمينه والمرأة أو الخنثى خلفه .
ولو
كان معه رجلان وامرأة أو خنثى أقام الرجلين خلفه والمرأة والخنثى خلفهما ولو
اجتمع الرجال والنساء والصبيان والخناثى والصبيات المراهقات فأرادوا أن يصطفوا للجماعة - يقوم الرجال صفا مما يلي الإمام ، ثم الصبيان بعدهم ، ثم الخناثى ، ثم الإناث ، ثم الصبيات المراهقات .
وكذلك الترتيب في الجنائز إذا اجتمعت وفيها جنازة الرجل والصبي والخنثى والأنثى والصبية المراهقة ، وكذلك القتلى إذا جمعت في حفيرة واحدة عند الحاجة على ما يذكر ذلك في موضعه - إن شاء الله تعالى - ( وأفضل ) مكان المأموم إذا كان رجلا حيث يكون أقرب إلى الإمام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18653خير صفوف الرجال أولها ، وشرها آخرها } ، وإذا تساوت المواضع في القرب إلى الإمام فعن يمينه أولى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب التيامن في الأمور ، وإذا قاموا في الصفوف تراصوا وسووا بين مناكبهم لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16696تراصوا وألصقوا المناكب بالمناكب } .