فإن
كان ثوب السلم فصالح منه فهذا لا يخلو من أحد وجهين ( إما ) إن صالح منه على جنسه ، وإما إن صالح منه على خلاف جنسه فإن صالح على جنسه ; فهو على ثلاثة أوجه .
( إما ) إن صالح على مثل حقه ، أو أكثر منه ، أو أقل فإن صالح على مثل حقه قدرا ووصفا فإن
صالح من ثوب هروي جيد على ثوب هروي جيد ; جاز ، ولا يشترط القبض ; لأنه استوفى عين حقه ، وكذلك إن صالح على أقل من حقه قدرا ووصفا ، أو وصفا لا قدرا يجوز ، ويكون هذا استيفاء لبعض عين حقه ، وحطا للباقي ، وإبراء عنه أصلا ووصفا ، والإبراء عن المسلم فيه صحيح ; لأن قبضه ليس بواجب ، وإن صالح على أقل من حقه قدرا لا وصفا بأن
صالح من ثوب رديء على نصف ثوب جيد ; جاز بخلاف الدراهم والدنانير والمكيل والموزون الموصوفين بأن صالح من ألف نبهرجة على خمسمائة جياد ، أو صالح من كر رديء على نصف كر جيد ، أو صالح من حديد رديء على نصف من جيد أنه لا يجوز ، والفرق أن المانع من الجواز هو الاعتياض عن الجودة هنا جائز ; لأن الجودة في غير الأموال الربوية عند مقابلتها بجنسها لها قيمة بخلاف الأموال الربوية ، وهذا ; لأن الأصل أن تكون الجودة متقومة في الأموال كلها ; لأنها صفة مرغوبة يبذل العوض في مقابلتها إلا أن الشرع أسقط اعتبارها في الأموال الربوية تعبدا بقوله جيدها ، ورديئها سواء ، فبقيت متقومة في غيرها على الأصل فيصح الاعتياض عنها ، وإن صالح على أكثر من حقه قدرا ووصفا بأن
صالح من ثوب هروي جيد على ثوبين هرويين جيدين يجوز لكن يشترط القبض ; لأن جوازه بطريق المعاوضة ، والجنس بانفراده يحرم النساء ، فلا بد من القبض لئلا يؤدي إلى الربا ، وكذلك إن صالح على أكثر من حقه قدرا لا وصفا بأن
صالح عن ثوب هروي جيد على ثوبين هرويين رديئين جاز ، والقبض شرط لما ذكرنا .
ولو صالح على أكثر من حقه ، وصفا لا قدرا بأن
صالح من ثوب رديء على ثوب جيد ; جاز ; لأنه معاوضة إذ لا يمكن حمله على استيفاء عين الحق ; لأن الزيادة غير مستحقة له فيحمل على المعاوضة ، ويشترط القبض لئلا يؤدي إلى الربا ، وإن صالح على خلاف جنس حقه كائنا ما كان لا يجوز دينا كان ، أو عينا ; لأن فيه استبدال المسلم فيه قبل القبض ، وإنه لا يجوز إلا على رأس مال السلم ; لأن الصلح عليه يكون إقالة ، وفسخا لا استبدالا .