( وأما ) ما يرجع إلى الواهب فهو أن يكون ممن يملك التبرع ولأن الهبة تبرع فلا يملكها من لا يملك التبرع فلا تجوز
هبة الصبي والمجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا لا يقابله نفع دنيوي فلا يملكها الصبي والمجنون كالطلاق والعتاق وكذا الأب لا يملك
هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف لأن المتبرع بمال الصغير قربان ماله لا على وجه الأحسن ولأنه لا يقابله نفع دنيوي وقد قال الله عز شأنه {
ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } ولأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي كان التبرع ضررا محضا وترك المرحمة في حق الصغير فلا يدخل تحت ولاية الولي لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30905لا ضرر ولا ضرار في الإسلام } وقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37263من لا يرحم صغيرنا فليس منا } ولهذا لم يملك طلاق امرأته وإعتاق عبده وسائر التصرفات الضارة المحضة .
وإن شرط الأب العوض لا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهما الله وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله يجوز وعلى هذا هبة المكاتب والمأذون أنه لا يجوز عندهما سواء كان بعوض أو بغير عوض وعنده يجوز بشرط العوض والأصل عندهما أن كل من لا يملك التبرع لا يملك الهبة لا بعوض ولا بغير عوض والأصل عنده أن كل من يملك البيع يملك الهبة بعوض .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن الهبة تمليك فإذا شرط فيها العوض كانت تمليكا بعوض وهذا
[ ص: 119 ] تفسير البيع وإنما اختلفت العبارة ولا عبرة باختلافها بعد اتفاق المعنى كلفظ البيع مع لفظة التمليك .
( ولهما ) أن
الهبة بشرط العوض تقع تبرعا ابتداء ثم تصير بيعا في الانتهاء بدليل أنها تفيد الملك قبل القبض ولو وقعت بيعا من حين وجودها لما توقف الملك فيه على القبض لأن البيع يفيد الملك بنفسه دل أنها وقعت تبرعا ابتداء وهؤلاء لا يملكون التبرع فلم تصح الهبة حين وجودها فلا يتصور أن تصير بيعا بعد ذلك .