( ومنها ) أن يكون محوزا فلا تجوز هبة المشاع فيما يقسم وتجوز فيما لا يقسم كالعبد والحمام والدن ونحوها وهذا عندنا وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله ليس بشرط وتجوز
هبة المشاع فيما يقسم وفيما لا يقسم عنده واحتج بظاهر قوله عز وجل {
فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون } أوجب سبحانه وتعالى نصف المفروض في الطلاق قبل الدخول إلا أن يوجد الحط من الزوجات عن النصف من غير فصل بين العين والدين والمشاع والمقسوم فيدل على جواز هبة المشاع في الجملة وبما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما شدد في الغلول في الغنيمة في بعض الغزوات فقام عليه الصلاة والسلام إلى سنام بعير وأخذ منه
[ ص: 120 ] وبرة ثم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1840أما إني لا يحل لي من غنيمتكم ولو بمثل هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود فيكم ردوا الخيط والمخيط فإن الغلول عار وشنار على صاحبه إلى يوم القيامة فجاء أعرابي بكبة من شعر فقال أخذتها لأصلح بها بردعة بعيري يا رسول الله فقال أما نصيبي فهو لك وسأسلمك الباقي } وهذا هبة المشاع فيما يقسم .
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل على
nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه فنظر إلى موضع المسجد فوجده بين
nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة وبين رجلين من قومه فاستباع
أسعد نصيبهما ليهب الكل من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبيا ذلك فوهب
أسعد نصيبه من النبي عليه الصلاة والسلام فوهبا أيضا نصيبهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد قبل النبي عليه الصلاة والسلام الهبة في نصيب
أسعد وقبل في نصيب الرجلين أيضا ولو لم يكن جائزا لما قبل لأن أدنى حال فعل النبي عليه الصلاة والسلام الجواز ولأن الشياع لا يمنع حكم هذا التصرف ولا شرطه لأن حكم الهبة الملك والشياع لا يمنع الملك ألا ترى أنه يجوز بيع المشاع وكذا هبة المشاع فيما لا يقسم وشرطه هو القبض والشيوع لا يمنع القبض لأنه يحصل قابضا للنصف المشاع بتخلية الكل ولهذا جازت هبة المشاع فيما لا يقسم وإن كان القبض فيها شرطا لثبوت الملك كذا هذا .
( ولنا ) إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإنه روي أن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر قال في مرض موته لسيدتنا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها إن أحب الناس إلي غنى أنت وأعزهم علي فقرا أنت وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي بالعالية وإنك لم تكوني قبضتيه ولا جذيتيه وإنما هو اليوم مال الوارث اعتبر سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق رضي الله عنه القبض والقيمة في الهبة لثبوت الملك لأن الحيازة في اللغة جمع الشيء المفرق في حيز وهذا معنى القسمة لأن الأنصباء الشائعة قبل القسمة كانت متفرقة والقسمة تجمع كل نصيب في حيز وروي عن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه قال ما بال أحدكم ينحل ولده نحلا لا يحوزها ولا يقسمها ويقول إن مت فهو له وإن مات رجعت إلي وأيم الله لا ينحل أحدكم ولده نحلى لا يحوزها ولا يقسمها فيموت إلا جعلتها ميراثا لورثته .
والمراد من الحيازة القبض هنا لأنه ذكرها بمقابلة القسمة حتى لا يؤدي إلى التكرار أخرج الهبة من أن تكون موجبة للملك بدون القبض والقسمة وروي عن سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه قال من وهب ثلث كذا أو ربع كذا لا يجوز ما لم يقاسم وكل ذلك بمحضر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل أنه أنكر عليهم منكر فيكون إجماعا ولأن القبض شرط جواز هذا العقد والشيوع يمنع من القبض لأن معنى القبض هو التمكن من التصرف في المقبوض والتصرف في النصف الشائع وحده لا يتصور فإن سكنى نصف الدار شائعا ولبس نصف الثوب شائعا محال ولا يتمكن من التصرف فيه بالتصرف في الكل لأن العقد لم يتناول الكل وهكذا نقول في المشاع الذي لا يقسم أن معنى القبض هناك لم يوجد لما قلنا إلا أن هناك ضرورة لأنه يحتاج إلى هبة بعضه ولا حكم للهبة بدون القبض والشياع مانع من القبض الممكن للتصرف ولا سبيل إلى إزالة المانع بالقسمة لعدم احتمال القسمة فمست الضرورة إلى الجواز وإقامة صورة التخلية مقام القبض الممكن من التصرف ولا ضرورة هنا لأن المحل محتمل للقسمة فيمكن إزالة المانع من القبض الممكن بالقسمة .
أو نقول : الصحابة رضي الله عنهم شرطوا القبض المطلق والمطلق ينصرف إلى الكامل وقبض المشاع قبض قاصر لوجوده من حيث الصورة دون المعنى على ما بينا إلا أنه اكتفى بالصورة في المشاع الذي لا يحتمل القسمة للضرورة التي ذكرنا ولا ضرورة هنا فلزم اعتبار الكمال في القبض ولا يوجد في المشاع ولأن الهبة عقد تبرع فلو صحت في مشاع يحتمل القسمة لصار عقد ضمان لأن الموهوب له يملك مطالبة الواهب بالقسمة فيلزمه ضمان القسمة فيؤدي إلى تغيير المشروع ولهذا توقف الملك في الهبة على القبض لما أنه لو ملكه بنفس العقد لثبتت له ولاية المطالبة بالتسليم فيؤدي إلى إيجاب الضمان في عقد التبرع وفيه تغيير المشروع وكذا هذا بخلاف مشاع لا يحتمل القسمة لأن هناك لا يتصور إيجاب الضمان على المتبرع لأن الضمان ضمان القسمة والمحل لا يحتمل القسمة فهو الفرق .
( وأما ) الآية فلا حجة فيها لأن المراد من المفروض الدين لا العين ألا ترى أنه قال {
إلا أن يعفون } والعفو إسقاط وإسقاط الأعيان لا يعقل وكذا الغالب في المهر أن يكون
[ ص: 121 ] دينا وهبة الدين ممن عليه الدين جائز لأنه إسقاط الدين عنه وأنه جائز في المشاع .
( وأما ) حديث الكبة فيحتمل أن النبي عليه الصلاة والسلام وهب نصيبه منه واستوهب البقية من أصحاب الحقوق فوهبوا وسلموا الكل جملة وفي الحديث ما يدل عليه فإنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأسلمك الباقي وما كان هو عليه الصلاة والسلام ليخلف في وعده وهبة المشاع على هذا السبيل جائزة عندنا على أن ذلك كان هبة مشاع لا ينقسم من حيث المعنى لأن كبة واحدة لو قسمت على الجم الغفير لا يصيب كلا منهم إلا نزر حقير لا ينتفع به فكان في معنى مشاع لا ينقسم .
( وأما ) حديث
nindex.php?page=showalam&ids=103أسعد بن زرارة فحكاية حال يحتمل أنه وهب نصيبه وشريكاه وهبا نصيبهما منه وسلموا الكل جملة وهذا جائز عندنا ويحتمل أن الأنصباء كانت مقسومة مفرزة ويجوز أن يقال في مثل هذا بينهم إذا كانت الجملة متصلة بعضها ببعض كقرية بين جماعة أنها تضاف إليهم وإن كانت أنصباؤهم مقسومة واحتمل بخلافه فلا يكون حجة مع الاحتمال لأن حكاية الحال لا عموم له ولو قسم ما وهب وأفرزه ثم سلمه إلى الموهوب له جاز لأن هبة المشاع عندنا منعقد موقوف نفاذه على القسمة والقبض بعد القسمة هو الصحيح إذ الشيوع لا يمنع ركن العقد ولا حكمه وهو الملك ولا سائر الشرائط إلا القبض الممكن من التصرف فإذا قسم وقبض فقد زال المانع من النفاذ فينفذ .
وحديث الصديق رضي الله عنه لا يدل عليه فإنه قال لسيدتنا
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي وكان ذلك هبة المشاع فيما ينقسم لأن النحل من ألفاظ الهبة ولو لم ينعقد لما فعله الصديق رضي الله عنه لأنه ما كان ليعقد عقدا باطلا فدل قول الصديق رضي الله عنه على انعقاد العقد في نفسه وتوقف حكمه على القسمة والقبض وهو عين مذهبنا والله عز وجل أعلم وكذلك
لو وهب نصف داره من رجل ولم يسلم إليه ثم وهب منه النصف الآخر وسلم إليه جملة جاز لما قلنا
ولو وهب منه نصف الدار وسلم إليه بنحلة الكل ثم وهب منه النصف الآخر وسلم لم تجز الهبة لأن كل واحد منهما هبة المشاع وهبة المشاع فيما يقسم لا تنفذ إلا بالقسمة والتسليم ويستوي فيه الجواب في هبة المشاع بين أن يكون من أجنبي أو من شريكه كل ذلك يجوز لقول جماعة من الصحابة رضي الله عنهم لا تجوز الهبة إلا مقبوضة محوزة من غير فصل ولأن المانع هو الشياع عند القبض وقد وجد وعلى هذا الخلاف
صدقة المشاع فيما ينقسم أنه لا يجوز عندنا خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=13790للشافعي رحمه الله .
( وجه ) قوله أن الشياع لا يمنع حكم التصرف وهو الملك ولا شرطه وهو القبض ولا يمنع جوازه كالمفروض .
( ولنا ) أن القبض شرط جواز الصدقة ومعنى القبض لا يتحقق في الشائع أو لا يتكامل فيه لما بينا في الهبة ولأن التصدق تبرع كالهبة وتصحيحه في المشاع يصيرها عقد ضمان فيتغير المشروع على ما ينافي الهبة
ولو وهب شيئا ينقسم من رجلين كالدار والدراهم والدنانير ونحوها وقبضاه لم يجز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وجاز عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وأجمعوا على أنه
لو وهب رجلان من واحد شيئا ينقسم وقبضه أنه يجوز
nindex.php?page=showalam&ids=11990فأبو حنيفة يعتبر الشيوع عند القبض وهما يعتبرانه عند العقد والقبض جميعا فلم يجوز
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة هبة الواحد من اثنين لوجود الشياع وقت القبض وهما جوزاها لأنه لم يوجد الشياع في الحالين بل وجد أحدهما دون الآخر وجوزوا هبة الاثنين من واحد .
( أما )
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة رحمه الله فلعدم الشيوع في وقت القبض .
( وأما ) هما فلانعدامه في الحالين لأنه وجد عند العقد ولم يوجد عند القبض ومدار الخلاف بينهم على حرف وهو أن
هبة الدار من رجلين تمليك كل الدار جملة أو تمليك من أحدهما والنصف من الآخر فعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة تمليك النصف من أحدهما والنصف من الآخر فيكون هبة المشاع فيما ينقسم كأنه أفرد تمليك كل نصف من كل واحد منهما بعقد على حدة وعندهما هي تمليك الكل منهما إلا تمليك النصف من هذا والنصف من ذلك فلا يكون تمليك الشائع فيجوز .
( وجه ) قولهما أن العمل بموجب الصيغة هو الأصل وذلك فيما قلنا لأن قوله وهبت هذه الدار كلها هبة كل الدار جملة منهما إلا هبة النصف من أحدهما والنصف من الآخر لأن ذلك توزيع وتفريق واللفظ لا يدل عليه ولا يجوز العدول عن موجب اللفظ لغة إلا لضرورة الصحة وفي العدول عن ظاهر الصيغة ههنا فساد العقد بسبب الشيوع فوجب العمل بظاهر الصيغة وهو تمليك الكل منهما وموجب التمليك
[ ص: 122 ] منها ثبوت الملك لهما في الكل وإنما يثبت الملك لكل واحد منهما في النصف عند الانقسام ضرورة المزاحمة واستوائهما في الاستحقاق إذ ليس كل واحد منهما أولى من الآخر لدخول كل واحد منهما في العقد على السواء كالأخوين في الميراث عند الاستواء في الدرجة أن الميراث يكون بينهما نصفين وإن كان سبب الاستحقاق في حق كل واحد منهما على الكمال حتى لو انفرد أحدهما يستحق كل المال .
وإذا جاءت المزاحمة مع المساواة في الاستحقاق يثبت عند انقسام الميراث في النصف وكذا الشفيعان يثبت لكل واحد منهما أخذ نصف الدار بالشفعة لضرورة المزاحمة والاستواء في الاستحقاق وإن كان السبب في حق كل واحد منهما صالحا لإثبات حق الشفعة في الكل حتى لو سلم أحدهما يكون الكل للآخر وعلى هذا مسائل فلم يكن الانقسام على التناصف موجب الصيغة بل لتضايق المحل لهذا جاز الرهن من رجل فكان ذلك رهنا من كل واحد منهما على الكمال إذ لو كان رهن النصف من هذا والنصف من ذلك لما جاز لأنه يكون رهن المشاع لهذا لو قضى الراهن دين أحدهما كان للآخر حبس الكل دل أن ذلك رهن الكل من كل واحد منهما كذا هذا .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أن هذا تمليك مضاف إلى الشائع فلا يجوز كما إذا ملك نصف الدار من أحدهما والنصف من الآخر بعقد على حدة والدليل على أن هذا تمليك مضاف إلى الشائع أن قوله وهبت هذه الدار منكما إما أن يكون تمليك كل الدار الواحدة من كل واحد منهما وإما أن يكون تمليك النصف من أحدهما والنصف من الآخر لا سبيل إلى الأول لأن الدار الواحدة يستحيل أن تكون مملوكة لكل واحد منهما على الكمال والمحال لا يكون موجب العقد فتعين الثاني وهو أن يكون تمليك النصف من أحدهما والنصف من الآخر لهذا لم يملك كل واحد منهما التصرف في كل الدار بل في نصفها ولو كان كل الدار مملوكا لكل واحد منهما لملك وكذا كل واحد منهما يملك مطالبة صاحبه بالتهايؤ أو بالقسمة وهذا آية ثبوت الملك له في النصف وإذا كان هذا تمليك الدار لهما على التناصف كان تمليكا مضافا إلى الشائع كأنه أفرد لكل واحد منهما العقد في النصف والشيوع يؤثر في القبض الممكن من التصرف على ما مر .
وقد خرج الجواب عن قولهما أن موجب الصيغة ثبوت الملك في كل الدار لكل واحد منهما على الكمال لما ذكرنا أن هذا محال والمحال لا يكون موجب العقد ولا العاقد بعقده يقصد أمرا محالا أيضا فكان موجب العقد التمليك منهما على التناصف لأن هذا تمليك الدار منهما فكان عملا بموجب الصيغة من غير إحالة فكان أولى بخلاف الرهن فإن الدار الواحدة تصلح مرهونة عند كل واحد منهما لأن الرهن هو الحبس واجتماعهما على الحبس متصور بأن يحبساه معا أو يضعاه جميعا على يدي عدل فتكون الدار محبوسة كلها عند كل واحد منهما وهذا مما لا يمكن تحقيقه في الملك فهو الفرق .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله
إذا وهب من رجلين فقسم ذلك وسلم إلى كل واحد منهما جاز لأن المانع هو الشيوع عند القبض وقد زال هذا إذا وهب من رجلين شيئا مما يقسم فإن كان مما لا يقسم جاز بالإجماع لما ذكرنا فيما تقدم ثم على أصلهما
إذا قال لرجلين وهبت لكما هذه الدار لهذا نصفها ولهذا نصفها جاز لأن قوله لهذا نصفها ولهذا نصفها خرج تفسيرا للحكم الثابت بالعقد إذ لا يمكن جعله تفسيرا لنفس العقد لأن العقد وقع تمليك الدار جملة منهما على ما بينا فجعل تفسيرا لحكمه فلا يوجب ذلك إشاعة في العقد .
ولو قال وهبت لك نصفها ولهذا نصفها لم يجز لأن الشيوع دخل على نفس العقد فمنع الجواز ولو قال وهبت لكما هذه الدار ثلثها لهذا وثلثاها لهذا لم يجز عند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف وجاز عند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أن العقد متى جاز لاثنين يستوي فيه التساوي والتفاضل كعقد البيع .
( وجه ) قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أن الجواز عند التساوي بطريق التفسير للحكم الثابت بالعقد وذلك لا يوجب شيوعا في العقد ولما فضل أحد النصيبين عن الآخر تعذر جعله تفسيرا لأن مطلق العقد لا يحتمل التفاضل فكان تفضيل أحد النصيبين في معنى إفراد العقد لكل واحد منهما فكان هبة المشاع والشيوع يؤثر في الهبة ولا يؤثر في البيع ولو رهن من رجلين لأحدهما ثلثه وللآخر ثلثاه أو نصفه لهذا ونصفه لذلك على التفاضل والتناصف لا يجوز بالإجماع بخلاف ما إذا أبهم بأن قال وهبت منكما أنه يجوز ولو وهب من فقيرين شيئا ينقسم فالهبة من فقيرين بمنزلة التصدق عليهما لأن
[ ص: 123 ] الهبة من الفقير صدقة لأنه يبتغى بها وجه الله تعالى وسنذكر حكمها إن شاء الله تعالى وعلى هذا يخرج هبة الشجر دون الثمر والثمر دون الشجر والأرض دون الزرع والزرع دون الأرض أنها غير جائزة لأن الموهوب متصل بما ليس بموهوب اتصال جزء بجزء فكان كهبة المشاع ولو فصل وسلم جاز كما في هبة المشاع .
ولو تصدق بعشرة دراهم على رجلين فإن كانا غنيين لم يجز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ويجوز عندهما لأن التصدق على الغني هبة في الحقيقة والهبة من اثنين لا تجوز وعندهما جائزة وإن كانا فقيرين فعندهما تجوز كما تجوز في الهبة من رجلين وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله فيه روايتان في كتاب الهبة لا يجوز وفي الجامع الصغير يجوز .
( وجه ) رواية كتاب الهبة أن الشياع كما يمنع جواز الهبة يمنع جواز الصدقة على ما ذكرنا فيما تقدم وههنا يتحقق الشيوع في القبض .
( وجه ) رواية الجامع وهي الصحيحة أن معنى الشيوع في القبض لا يتحقق في الصدقة على فقيرين لأن المتصدق يتقرب بالصدقة إلى الله عز وجل ثم الفقير يقبض من الله تعالى قال الله تبارك وتعالى {
ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات } وقال عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14472الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد الفقير } والله تعالى واحد لا شريك له فلا يتحقق معنى الشيوع كما لو تصدق على فقير واحد ثم وكل بقبضها وكيلين بخلاف التصدق على غنيين لأن الصدقة على الغني يبتغى بها وجه الغني فكانت هدية لا صدقة قال عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14474الصدقة يبتغى بها وجه الله تعالى والدار الآخرة } والهدية يبتغى بها وجه الرسول وقضاء الحاجة والهدية هبة فيتحقق معنى الشيوع في القبض وأنه مانع الجواز عنده .