ومنها
الزيادة في الموهوب زيادة متصلة فنقول جملة الكلام في زيادة الهبة إنها لا تخلو إما إن كانت متصلة بالأصل وإما إن كانت منفصلة عنه فإن كانت متصلة بالأصل فإنها تمنع الرجوع سواء كانت الزيادة بفعل الموهوب له أو لا بفعله وسواء كانت متولدة أو غير متولدة نحو ما إذا كان الموهوب جارية هزيلة فسمنت أو دارا فبنى فيها أو أرضا فغرس فيها غرسا أو نصب دولابا وغير ذلك مما يستقى به وهو مثبت في الأرض مبني عليها على وجه يدخل في بيع الأرض من غير تسمية قليلا كان أو كثيرا أو كان الموهوب ثوبا فصبغه بعصفر أو زعفران أو قطعه قميصا وخاطه أو جبة وحشاه أو قباء لأنه لا سبيل إلى الرجوع في الأصل مع زيادة لأن الزيادة ليست بموهوبة إذا لم يرد عليها العقد فلا يجوز أن يرد عليها الفسخ ولا سبيل إلى الرجوع في الأصل بدون الزيادة لأنه غير ممكن فامتنع الرجوع أصلا .
وإن صبغ الثوب بصبغ لا يزيد فيه أو ينقصه فله أن يرجع لأن المانع من الرجوع هو الزيادة فإذا لم يزده الصبغ في القيمة التحقت الزيادة بالعدم وإن كانت الزيادة منفصلة فإنها لا تمنع الرجوع سواء كانت متولدة من الأصل كالولد واللبن والثمر أو غير متولدة كالأرش والعقر والكسب والغلة لأن هذه الزوائد لم يرد عليها العقد فلا يرد عليها الفسخ وإنما ورد على الأصل ويمكن فسخ العقد في الأصل دون الزيادة بخلاف المتصلة وبخلاف ولد المبيع أنه يمنع الرد بالعيب لأن المانع هناك وهو الربا لأنه يبقى الولد بعد رد الأم بكل الثمن مبيعا مقصودا لا يقابله عوض وهذا تفسير الربا ومعنى الربا لا يتصور في الهبة لأن جريان الربا يختص بالمعاوضات فجاز أن يبقى الولد موهوبا مقصودا بلا عوض بخلاف المبيع وكذا الزيادة في سعر لا تمنع الرجوع لأنه لا تعلق لها بالموهوب وإنما هي رغبة يحدثها الله تعالى في القلوب فلا تمنع الرجوع ولهذا لم تعتبر هذه الزيادة في أصول الشرع فلا تغير ضمان الرهن ولا الغصب ولا تمنع الرد بالعيب .