( وأما ) الحكم الثاني : وهو
اختصاص المرتهن ببيع المرهون له ، واختصاصه بثمنه ، فنقول وبالله التوفيق : إذا بيع الرهن في حال حياة الراهن وعليه ديون أخر ، فالمرتهن أحق بثمنه من بين سائر الغرماء ; لأن بعقد الرهن ثبت له الاختصاص بالمرهون ; فيثبت له الاختصاص ببدله وهو الثمن ، ثم إن كان الدين حالا والثمن من جنسه ، فقد استوفاه ; إن كان في الثمن وفاء بالدين ، وإن كان فيه فضل ، رده على الراهن ، وإن كان أنقص من الدين ، يرجع المرتهن بفضل الدين على الراهن ، وإن كان الدين مؤجلا حبس الثمن إلى وقت حلول الأجل ; لأنه بدل المرهون فيكون مرهونا ، فإذا حل الأجل فإن كان الثمن من جنس الدين ، صار مستوفيا دينه ، وإن كان من خلاف جنسه ، يحبسه إلى أن يستوفي دينه كله ، وكذلك إذا بيع الرهن بعد وفاة الراهن وعليه ديون ولم يخلف مالا آخر سوى الرهن ، كان المرتهن أحق بثمنه من بين سائر الغرماء ; لما ذكرنا ، فإن فضل منه شيء ، يضم الفضل إلى مال الراهن ويقسم بين الغرماء بالحصص ; لأن قدر الفضل لم يتعلق به حق المرتهن ، وإن نقص عن الدين ، يرجع المرتهن بما بقي من دينه في مال الراهن ، وكان بينه وبين الغرماء بالحصص ; لأن قدر الفضل من الدين دين لا رهن به فيستوي فيه الغرماء ، وكذلك لو كان على الراهن دين آخر ، كان المرتهن فيه أسوة الغرماء ، وليس له أن يستوفيه من ثمن الرهن ; لأن ذلك الدين لا رهن به فيتضارب فيه الغرماء كلهم .