[ ص: 196 ] كتاب المفقود )
الكلام في المفقود يقع في أربعة مواضع ، في
تفسير المفقود ، وفي بيان حاله ، وفي بيان ما يصنع بماله ، وفي بيان حكم ماله .
( أما ) الأول : فالمفقود اسم لشخص غاب عن بلده ولا يعرف خبره أنه حي أم ميت ( فصل ) :
وأما
حال المفقود : فعبارة مشايخنا - رحمهم الله - عن حاله أنه حي في حق نفسه ميت في حق غيره ، والشخص الواحد لا يكون حيا وميتا حقيقة لما فيه من الاستحالة ولكن معنى هذه العبارة أنه ( تجري ) عليه أحكام ( الأحياء ) فيما كان له فلا يورث ماله ولا تبين امرأته كأنه حي حقيقة ( وتجري ) عليه أحكام الأموات فيما لم يكن له فلا يرث أحدا كأنه ميت حقيقة ; لأن الثابت باستصحاب الحال يصلح لإبقاء ما كان على ما كان ولا يصلح لإثبات ما لم يكن وملكه في أحكام أمواله ونسائه أمر قد كان واستصحبنا حال الحياة لإبقائه وأما ملكه في مال غيره : فأمر لم يكن فتقع الحاجة إلى الإثبات واستصحاب الحال لا يصلح حجة لإثبات ما لم يكن ، وتحقيق العبارة عن حاله أن غير معلوم ، يحتمل أنه حي ويحتمل أنه ميت ، وهذا يمنع التوارث والبينونة ; لأنه إن كان حيا يرث أقاربه ولا يرثونه ولا تبين امرأته ، وإن كان ميتا لا يرث أقاربه ويرثونه والإرث من الجانبين أمر لم يكن ثابتا بيقين فوقع الشك في ثبوته فلا يثبت بالشك والاحتمال ، وكذلك البينونة على الأصل المعهود في " الثابت بيقين لا يزول بالشك ، وغير الثابت بيقين لا يثبت بالشك " فإذا مات واحد من أقاربه يوقف نصيبه إلى أن يظهر حاله أنه حي أم ميت لاحتمال الحياة والموت للحال حتى إن من
هلك وترك ابنا مفقودا وابنتين وابن ابن وطلبت الابنتان الميراث فإن القاضي يقضي لهما بالنصف ويوقف النصف الثاني إلى أن يظهر حاله ; لأنه إن كان حيا كان له النصف والنصف للابنتين ولا شيء لابن الابن وإن كان ميتا كان للابنتين الثلثان والباقي لابن الابن فكان استحقاق النصف للابنتين ثابتا بيقين فيدفع ذلك إليهما ويوقف النصف الآخر إلى أن يظهر حاله فإن لم يظهر حتى مضت المدة التي يعرف فيها موته يدفع الثلثان إليهما والباقي لابن الابن وكذا لو أوصى له بشيء يوقف ، وكذا إذا فقد المرتد ولا يدرى أنه لحق بدار الحرب أم لا توقف تركته كالمسلم .