فإن كان ذلك بسبب فنقول لا يخلو إما أن ادعيا الملك بسبب واحد من الإرث أو الشراء أو النتاج ونحوها وإما أن ادعياه بسببين فإن ادعيا الملك بسبب واحد فإن كان السبب هو الإرث فإن لم توقت البينتان فهو بينهما نصفان لما ذكرنا أن الملك الموروث هو ملك الميت بعد موته وإنما الوارث يخلفه ويقوم مقامه في ملكه ألا ترى أنه يجهز من التركة ويقضى منها ديونه ويرد الوارث بالعيب ويرد عليه فكان المورثين حضرا وادعيا ملكا مطلقا عن الوقت وإن وقتا وقتا فإن كان وقتهما واحدا فكذلك لما مر وإن كان أحد الوقتين أسبق يقضى لمن هو أسبق وقتا عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف رحمهما الله وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله يقضى بينهما نصفين ولا عبرة للتاريخ عنده في الميراث لما مر أن الموروث ملك الميت والوارث قام مقامه فلم يكن الموت تاريخا لملك الوارث فسقط التاريخ لملكه والتحق بالعدم فبقي دعوى الملك المطلق عن التاريخ فيستويان فيه وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد أنهما إن لم يؤرخا ملك الميتين فكذلك فأما إذا أرخا ملك الميتين فيقضى لأسبقهما تاريخا ذكره في نوادر
هشام .
nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبو يوسف رحمهما الله يقولان بل الوارث بإقامة البينة يظهر الملك للمورث لا لنفسه فيصير كأنه حضر المورثان وأقام كل واحد منهما بينة مؤرخة وتاريخ أحدهما أسبق ولو كان كذلك لقضي لأسبقهما وقتا لإثباته الملك في وقت لا تعارضه فيه بينة الآخر كذا هذا ولو وقتت إحداهما ولم توقت الأخرى يقضى بينهما نصفين بالإجماع أما عند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد فإن التاريخ في باب الميراث ساقط فالتحق بالعدم وأما عندهما فيصير كأن
المورثين الخارجين حضرا وادعيا ملكا فأرخه أحدهما ولم يؤرخه الآخر وهناك كان المدعى بينهما نصفين فكذا هنا لأنهما ادعيا تلقي الملك من رجلين ولا عبرة فيه بالتاريخ وإن كان السبب هو الشراء فنقول لا تخلو إما أن تكون الدار في يد ثالث وإما أن تكون في يد أحدهما وكل ذلك لا يخلو إما أن ادعيا الشراء من واحد وإما إن ادعياه من اثنين فإن كانت في يد ثالث وادعيا الشراء من واحد فإن كان صاحب اليد وأقاما البينة على الشراء منه بثمن معلوم ونقد الثمن مطلقا عن التاريخ وذكر القبض يقضى بينهما نصفين عندنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790وللشافعي فيه قولان في قول تتهاتر البينتان وفي قول يقرع بينهما فيقضى لمن خرجت له القرعة وهي مسألة التهاتر وقد تقدمت .
وإذا قضي بالدار بينهما نصفين يكون لهما الخيار إن شاء أخذ كل واحد منهما نصف الدار بنصف الثمن وإن شاء نقض لأن غرض كل واحد منهما من الشراء الوصول إلى جميع المبيع ولم يحصل فأوجب ذلك خللا في الرضا فلذلك أثبت لهما الخيار فإن اختار كل واحد منهما أخذ نصف الدار رجع على البائع بنصف الثمن لأنه لم يحصل له إلا نصف المبيع وإن اختار الرد رجع كل واحد منهما بجميع الثمن لأنه انفسخ البيع فإن اختار أحدهما الرد والآخر الأخذ فإن كان ذلك بعد قضاء القاضي وتخييره إياهما فليس له أن يأخذ إلا النصف بنصف الثمن لأن حكم القاضي بذلك أوجب انفساخ العقد في حق كل واحد منهما في النصف فلا يعود إلا بالتحديد كما إذا قضى القاضي بالدار المشفوعة للشفيعين ثم سلم أحدهما الشفعة لا يكون لصاحبه إلا نصف الدار فأما إذا اختار أحدهما ترك الخصومة قبل تخيير القاضي فللآخر أن يأخذ جميع المبيع بجميع الثمن لأن المستحق بالعقد كل البيع والامتناع بحكم المزاحمة فإذا انقطعت فقد زال المانع كأحد الشفيعين إذا سلم الشفعة قبل قضاء القاضي بالدار المشفوعة يقضى لصاحبه بالكل وكذلك إذا
ادعى كل واحد منهما الشراء من رجل آخر سوى صاحب اليد وأقام البينة على ذلك يقضى بالدار بينهما نصفين عندنا وثبت الخيار لكل واحد منهما والكلام في توابع الخيار على نحو ما بينا غير أن هناك الشهادة القائمة على الشراء من صاحب اليد وهو البائع تقبل من غير ذكر الملك له والشهادة القائمة على الشراء من غير صاحب اليد لا تقبل إلا بذكر الملك للبائع لأن المبيع في الفصل الأول في يد البائع
[ ص: 238 ] واليد دليل الملك فوقعت الغنية عن ذكره وفي الفصل الثاني المبيع ليس في يد البائع فدعت الحاجة إلى ذكره لصحة البيع هذا إذا لم تؤرخ البينتان فأما إذا أرختا فإن استوى التاريخان فكذلك لسقوط اعتبارهما بالتعارض فبقي دعوى مطلق الشراء .
وإن كانت إحداهما أسبق تاريخا كانت أولى بالإجماع لأنها تظهر الملك في وقت لا تعارضها فيه الأخرى فتندفع بها الأخرى ولو
أرخت إحداهما وأطلقت الأخرى فالمؤرخة أولى لأنها تظهر الملك في زمان معين والأخرى لا تتعرض للوقت فتحتمل السبق والتأخير فلا تعارضها مع الشك والاحتمال ولو لم تؤرخ البينتان ولكن ذكرت إحداهما القبض فهي أولى لأنها لما أثبتت قبض المبيع جعل كأن بيع صاحب القبض أسبق فيكون أولى وكذلك لو
ذكرت إحداهما تاريخا والأخرى قبضا فبينة القبض أولى إلا أن تشهد بينة التاريخ أن شراءه قبل شراء الآخر فيقضى له ويرجع الآخر بالثمن على البائع وكذا
لو أرخا تاريخا واحدا وذكرت إحداهما القبض فبينة القبض أولى إلا إذا كان وقت الآخر أسبق هذا إذا ادعيا الشراء من واحد وهو صاحب اليد أو غيره فأما إذا
ادعيا الشراء من اثنين سوى صاحب اليد مطلقا عن الوقت وأقاما البينة على ذلك يقضى بينهما نصفين لأنهما ادعيا تلقي الملك من البائعين فقاما مقامهما فصار كأن البائعين الخارجين حضرا وأقاما البينة على ملك مطلق ولو كان كذاك يقضى بينهما نصفين كذا هذا ويثبت لهما الخيار والكلام في الخيار على نحو ما ذكرنا
ولو وقتت البينتان فإن كان وقتهما واحدا فكذلك وإن كان أحدهما أسبق من الآخر فالأسبق تاريخا أولى عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وكذا عند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في رواية الأصول بخلاف الميراث أنه يكون بينهما نصفان عنده .
ووجه الفرق له ذكره
الداري وهو أن المشتري يثبت الملك لنفسه والوارث يثبت الملك للميت .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في الإملاء أنه سوى بين الميراث والشراء وقال لا عبرة بالتاريخ في الشراء أيضا إلا أن يؤرخا ملك البائعين وإن وقتت إحداهما ولم توقت الأخرى يقضى بينهما نصفين ولا عبرة للتاريخ أيضا فرق بين هذا وبين ما إذا
ادعيا الشراء من رجل واحد فوقتت بينة أحدهما وأطلقت الأخرى أن بينة الوقت أولى ووجه الفرق أنهما إذا ادعيا الشراء من اثنين فقد ادعيا تلقي الملك من البائعين فتاريخ إحدى البينتين لا يدل على سبق أحد الشراءين بل يجوز أن يكون شراء صاحبه أسبق من شرائه فلا يحكم بسبق أحدهما مع الاحتمال فيقسم بينهما نصفين بخلاف ما إذا ادعيا الشراء من واحد لأن هناك اتفقا على تلقي الملك من واحد فتاريخ إحدى البينتين أوجب تلقي الملك منه في زمان لا ينازعه فيه أحد فيؤمر بالدفع إليه حتى يقوم على التلقي منه دليل آخر هذا إذا كانت الدار في يد ثالث فإن كانت في يد أحدهما فإن ادعيا الشراء من واحد فصاحب اليد أولى سواء أرخ الآخر أو لم يؤرخ وسواء ذكر شهود القبض أو لم يذكر لأن القبض من صاحب اليد أقوى لثبوته حسا ومشاهدة وقبض الآخر لم يثبت إلا ببينة تحتمل الصدق والكذب فكان القبض المحسوس أولى فصار الحاصل أن القبض الثابت بالحس أولى من الثابت بالخبر ومن التاريخ أيضا والقبض الثابت بالخبر أولى من التاريخ وإن ادعيا الشراء من اثنين يقضى للخارج سواء وقتت البينتان أو لا أو وقتت إحداهما دون الأخرى إلا إذا وقتتا ووقت صاحب اليد أسبق لأنهما ادعيا تلقي الملك من البائعين فقاما مقام البائعين فصار كأن البائعين حضرا وأقاما البينة ولو كان كذلك يقضى للخارج كذا هذا بخلاف ما إذا كان البائع واحدا لأنهما اتفقا على أن الملك لهما بالشراء من جهته ولأحدهما يد فيجعل كأن شراء صاحب اليد أسبق وإن كان السبب هو النتاج بأن
ادعى كل واحد من الخارجين أنها دابته نتجت عنده فإن أقام كل واحد منهما البينة على ملك مطلق يقضى بينهما نصفين لاستواء الحجتين وتعذر العمل بهما بإظهار الملك في كل المحل فليعمل بهما بالقدر الممكن وإن أقاما البينة على ملك موقت .
فإن اتفق الوقتان فكذلك وإن اختلفا يحكم سن الدابة إن علم وإن أشكل فعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة يقضى لأسبقهما وقتا وعندهما يقضى بينهما وجه قولهما أن السن إذا أشكل يحتمل أن يكون موافقا لوقت هذا ويحتمل أن يكون موافقا لوقت ذاك فسقط اعتبار الوقت وصار كأنهما سكتا عن الوقت أصلا وجه قول
[ ص: 239 ] nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أن وقوع الإشكال في السن يوجب سقوط اعتبار حكم السبق فبطل تحكيمه فبقي الحكم للوقت فالأسبق أولى وهذا يشكل بالخارج مع ذي اليد وإن خالف الوقتين جميعا فهو على ما ذكرنا في الخارج مع ذي اليد