ثم تفسير العفة عن الزنا : هو إن لم يكن المقذوف وطئ في عمره وطئا حراما في غير ملك ولا نكاح أصلا ، ولا في نكاح فاسد فسادا مجمعا عليه في السلف ، فإن كان فعل سقطت عفته سواء كان الوطء زنا موجبا للحد ، أو لم يكن ، بعد أن يكون على الوصف الذي ذكرنا ، وإن كان وطئ وطئا حراما لكن في الملك أو النكاح حقيقة ، أو في نكاح فاسد لكن فسادا هو محل الاجتهاد ; لا تسقط عفته ، وبيان هذه الجملة في مسائل : إذا
وطئ امرأة بشبهة بأن زفت إليه غير امرأته فوطئها سقطت عفته ; لوجود الوطء الحرام في غير ملك ولا نكاح أصلا ، إلا أنه لم يجب الحد ; لقيام الدليل المبيح من حيث الظاهر على ما ذكرنا فيما تقدم ، وكذلك إذا وطئ جارية مشتركة بينه وبين غيره ; لأن الوطء يصادف كل الجارية - وكلها ليس ملكه - فيصادف ملك الغير لا محالة ، فكان الفعل زنا من وجه ، لكن درئ الحد للشبهة .
وكذلك إذا وطئ جارية أبويه أو زوجته أو جارية اشتراها ، وهو يعلم أنها لغير البائع ، ثم استحقت ; لما قلنا ، وكذلك لو وطئ جارية ابنه فأعلقها أو لم يعلقها ; لوجود الوطء المحرم في غير ملك حقيقة .