( فصل ) :
وأما
صفته فله صفات منها : أنه أشد الضرب ، واختلف المشايخ في المراد بالشدة المذكورة قال بعضهم : أريد بها الشدة من حيث الجمع ، وهي أن يجمع الضربات فيه على عضو واحد ولا يفرق بخلاف الحدود ، وقال بعضهم : المراد منها الشدة في نفس الضرب وهو الإيلام ، ثم إنما كان أشد الضرب لوجهين : أحدهما - أنه شرع للزجر المحض ليس فيه معنى تكفير الذنب ، بخلاف الحدود فإن معنى الزجر فيها يشوبه معنى التكفير للذنب ، قال {
عليه الصلاة والسلام : الحدود كفارات لأهلها } فإذا تمحض التعزير للزجر - فلا شك أن الأشد أزجر فكان في تحصيل ما شرع له أبلغ .
والثاني - أنه قد نقص عن عدد الضربات فيه فلو لم يشدد في الضرب - لا يحصل المقصود منه وهو الزجر ، ومنها : أنه يحتمل العفو
[ ص: 65 ] والصلح والإبراء ; لأنه حق العبد خالصا ، فتجري فيه هذه الأحكام ، كما تجري في سائر الحقوق للعباد من القصاص وغيره بخلاف الحدود ، ومنها : أنه يورث كالقصاص وغيره ; لما قلنا ، ومنها : أنه لا يتداخل ; لأن حقوق العبد لا تحتمل التداخل - بخلاف الحدود - ويؤخذ فيه الكفيل إلا أنه لا يحبس ; لتعديل الشهود ، أما التكفيل ; فلأن التكفيل للتوثيق ، والتعزير حق للعبد فكان التوثيق ملائما له بخلاف الحدود على أصل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - وأما عدم الحبس ; فلأن الحبس يصلح تعزيرا في نفسه فلا يكون مشروعا قبل تعديل الشهود ، بخلاف الحدود أنه يحبس فيها لتعديل الشهود ; لأن الحبس لا يصلح حدا ، والله - تعالى - أعلم .