وأما الذي يؤتى به بعد الفراغ من الافتتاح فنقول
: إذا فرغ من تكبيرة الافتتاح يضع يمينه على شماله والكلام فيه في أربعة مواضع ، أحدها في أصل الوضع ، والثاني في وقت الوضع ، والثالث في محل الوضع ، والرابع في كيفية الوضع .
أما الأول قال عامة العلماء : إن السنة هي وضع اليمين على الشمال ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : السنة هي الإرسال .
وجه قوله أن الإرسال أشق على البدن ، والوضع للاستراحة دل عليه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي أنه قال : إنهم كانوا يفعلون ذلك مخافة اجتماع الدم في رءوس الأصابع ; لأنهم كانوا يطيلون الصلاة وأفضل الأعمال أحمزها على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17122ثلاث من سنن المرسلين ، تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور ، وأخذ الشمال باليمين في الصلاة } .
وفي رواية وضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة وأما
وقت الوضع فكلما فرغ من التكبير في ظاهر الرواية وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد في النوادر أنه يرسلهما حالة الثناء فإذا فرغ منه يضع بناء على أن الوضع سنة القيام الذي له قرار في ظاهر المذهب وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد سنة القراءة وأجمعوا على أنه لا يسن
الوضع في القيام المتخلل بين الركوع والسجود ; لأنه لا قرار له ولا قراءة فيه ، والصحيح جواب ظاهر الرواية ; لقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12319إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة } من غير فصل بين حال وحال فهو على العموم إلا ما خص بدليل ، ولأن القيام من أركان الصلاة والصلاة خدمة الرب تعالى وتعظيم له والوضع في التعظيم أبلغ من الإرسال كما في الشاهد فكان أولى .
وأما
القيام المتخلل بين الركوع والسجود في صلاة الجمعة والعيدين فقال : بعض مشايخنا الوضع أولى ; لأن له ضرب قرار .
وقال بعضهم : الإرسال أولى ; لأنه كما يضع يحتاج إلى الرفع فلا يكون مفيدا .
وأما في حال القنوت فذكر في الأصل
إذا أراد أن يقنت كبر ورفع يديه حذاء أذنيه ناشرا أصابعه ثم يكفهما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14330أبو بكر الإسكاف : معناه يضع يمينه على شماله ، وكذلك روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد أنه يضعهما كما يضع يمينه على يساره في الصلاة ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي nindex.php?page=showalam&ids=14695والطحاوي أنه يرسلهما في حالة القنوت وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف واختلفوا في تفسير الإرسال ، قال بعضهم : لا يضع يمينه على شماله ، ومنهم من قال : لا بل يضع ومعنى الإرسال أن لا يبسطهما ، كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه يبسط يديه بسطا في حالة القنوت وهو الصحيح ; لعموم الحديث الذي روينا ; ولأن هذا قيام في الصلاة له قرار فكان الوضع فيه أقرب إلى التعظيم فكان أولى .
وأما في صلاة الجنازة فالصحيح أيضا أن يضع لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21081صلى على جنازة ووضع يمينه على شماله تحت السرة } ولأن الوضع أقرب إلى التعظيم في قيام له قرار فكان الوضع أولى .
وأما
محل الوضع فما تحت السرة في حق الرجل والصدر في حق المرأة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : محله الصدر في حقهما جميعا واحتج بقوله تعالى {
فصل لربك وانحر } قوله وانحر أي ضع اليمين على الشمال في النحر وهو الصدر ، وكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي في تفسير الآية ولنا ما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=109109ثلاث من سنن المرسلين من جملتها وضع اليمين على الشمال تحت السرة في الصلاة } .
وأما الآية فمعناه أي صل صلاة العيد وانحر الجزور وهو الصحيح من التأويل ; لأنه حينئذ يكون عطف الشيء على غيره كما هو مقتضى العطف في الأصل ووضع اليد من أفعال الصلاة وأبعاضها ولا مغايرة بين البعض وبين الكل ، أو يحتمل ما قلنا فلا يكون حجة مع الاحتمال على أنه روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما قالا : السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة فلم يكن تفسير الآية عنه .
وأما
كيفية الوضع فلم يذكر في ظاهر الرواية واختلف فيها قال : بعضهم يضع كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى ، وقال بعضهم : يضع على ذراعه اليسرى ، وقال بعضهم : يضع على المفصل .
وذكر في النوادر اختلافا بين
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد فقال : على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف يقبض بيده اليمنى على رسغ يده اليسرى ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد يضع كذلك ، وعن الفقيه
أبي جعفر الهندواني أنه قال : قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أحب إلي ; لأن في القبض وضعا وزيادة وهو اختيار مشايخنا بما وراء النهر فيأخذ المصلي رسغ يده اليسرى بوسط كفه اليمنى ويحلق إبهامه وخنصره وبنصره ويضع الوسطى والمسبحة على
[ ص: 202 ] معصمه ليصير جامعا بين الأخذ والوضع وهذا ; لأن الأخبار اختلفت ، ذكر في بعضها الوضع وفي بعضها الأخذ فكان الجمع بينهما عملا بالدلائل أجمع فكان أولى ، ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ، سواء كان إماما أو مقتديا أو منفردا هكذا ذكر في ظاهر الرواية وزاد عليه في كتاب الحج ، وجل ثناؤك ، وليس ذلك في المشاهير ولا يقرأ : {
إني وجهت وجهي } لا قبل التكبير ولا بعده وفي قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف الأول ، ثم رجع وقال في الإملاء : يقول مع التسبيح {
إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين } {
إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين }
ولا يقول وأنا أول المسلمين ; لأنه كذب وهل تفسد صلاته إذا قال ذلك ؟ قال بعضهم : تفسد ; لأنه أدخل الكذب في الصلاة ، وقال بعضهم : لا تفسد ; لأنه من القرآن ، ثم عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف روايتان ، في رواية يقدم التسبيح عليه .
وفي رواية وهو بالخيار إن شاء قدم وإن شاء أخر وهو أحد قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وفي قول يفتتح بقوله : وجهت وجهي لا بالتسبيح واحتجا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أن النبي كان إذا افتتح الصلاة قال : وجهت وجهي إلخ ، وقال سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي زاد عليه ما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قوله {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14901اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وتب علي إنك أنت التواب الرحيم } .
وفي بعض الروايات {
nindex.php?page=hadith&LINKID=14827اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي ، وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، واهدني لأحسن الأخلاق إنه لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، واصرف عني سيئها إنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت ، أنا بك ولك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك } وجه ظاهر الرواية قوله تعالى {
واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم } ذكر
الجصاص عن
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه قول المصلي عند الافتتاح سبحانك اللهم وبحمدك .
وروى هذا الذكر
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول عند الافتتاح ولا تجوز الزيادة على الكتاب والخبر المشهور بالآحاد ، ثم تأويل ذلك كله أنه كان يقول ذلك في التطوعات ، والأمر فيها أوسع فأما في الفرائض فلا يزاد على ما اشتهر فيه الأثر أو كان في الابتداء ثم نسخ بالآية أو تأيد ما روينا بمعاضدة الآية ، ثم لم يرو عن أصحابنا المتقدمين أنه يأتي به قبل التكبير ، وقال بعض مشايخنا المتأخرين : إنه لا بأس به قبل التكبير لإحضار النية ولهذا لقنوه العوام .