( فصل ) :
وأما
الذي يرجع إلى المسروق فيه ، وهو المكان فهو أن تكون السرقة في دار العدل فلا يقطع بالسرقة في دار الحرب ، ودار البغي ; لأنه لا يد للإمام في دار الحرب ، ولا على دار البغي ، فالسرقة الموجودة فيهما لا تنعقد سببا لوجوب القطع ، وبيان هذا في مسائل
التجار ، أو الأسارى من أهل الإسلام في دار الحرب إذا سرق بعضهم من بعض ، ثم خرجوا إلى دار الإسلام فأخذ السارق لا يقطعه الإمام ; لأنه لا يد للإمام في دار الحرب ، فالسرقة الموجودة فيهما لم تنعقد سببا لوجوب القطع ، فلا تستوفي في دار الإسلام ، وكذلك التجار من أهل العدل في معسكر أهل البغي ، أو الأسارى في أيديهم إذا سرق بعضهم من بعض .
ثم خرجوا إلى أهل العدل فأخذ السارق لم يقطعه الإمام ; لأن السرقة وجدت في موضع لا يد للإمام عليه فأشبهت السرقة في دار الحرب ، وكذلك
رجل من أهل البغي جاء للإمام تائبا ، وقد سرق من أهل البغي لم يقطعه ; لما قلنا ، وكذلك
رجل من أهل العدل أغار على معسكر أهل البغي فسرق منهم لم يقطعه الإمام ; لأن السرقة لم تنعقد موجبة للقطع لعدم ولاية الاستيفاء فيه ; ولأنه أخذ عن تأويل ; لأن لأهل العدل أن يأخذوا أموال أهل البغي ، ويحبسونها عندهم حتى يتوبوا ، فكان في العصمة شبهة العدم ، وكذلك الرجل من أهل البغي إذا
سرق من معسكر أهل العدل ، وعاد إلى معسكره ، ثم أخذ بعد ذلك لم يقطع ; لأنهم يعتقدون إباحة أموالنا ، ولهم منعة ، فكان أخذه عن تأويل فلا يقطع بالسرقة كما لا يضمن بالإتلاف .
ولو أن
رجلا من أهل العدل سرق من إنسان مالا ، وهو يشهد عليه بالكفر ، ويستحل دمه ، وماله يقطع ; لأن مجرد اعتقاد الإباحة لا عبرة به ، ولأنا لو اعتبرنا ذلك لأدى إلى سد باب الحد
[ ص: 81 ] لأن كل سارق لا يعجز عن إظهار ذلك فيسقط القطع عن نفسه ، وهذا قبيح فما يؤدي إليه مثله .