( وأما )
قدرة الكفرة على الانتفاع بأموالهم ; فلأن الغزاة ما داموا في دار الحرب فالاسترداد ليس بنادر ، بل هو ظاهر أو محتمل احتمالا على السواء ، والملك كان ثابتا لهم فلا يزول مع الاحتمال .
وأما الأحاديث : فأما غنائم
خيبر وأوطاس والمصطلق ، فإنما قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الديار ; لأنه افتتحها فصارت ديار الإسلام .
( وأما ) غنائم
بدر فقد روي أنه عليه الصلاة والسلام قسمها
بالمدينة ، فلا يصح الاحتجاج
[ ص: 122 ] به مع التعارض ثم الملك إن لم يثبت للغزاة في الغنائم في دار الحرب ، فقد ثبت الحق لهم حتى يجوز لهم الانتفاع بها من غير حاجة على ما نذكره ، ولولا تعلق الحق لجاز ; لأنه يكون مالا مباحا وكذا لو وطئ واحد من الغزاة جارية من المغنم لا يجب عليه الحد ; لأن له فيها حقا فأورث شبهة في درء الحد ، ولا يجب عليه العقر أيضا ; لأنه بالوطء أتلف جزءا من منافع بضعها ، ولو أتلفها لا يضمن ، فهاهنا أولى ولا يثبت النسب أيضا لو ادعى الولد ; لأن ثبات النسب معتمد الملك أو الحق الخاص ، ولا ملك هاهنا ، والحق عام .
وكذا لو أسلم الأسير في دار الحرب لا يكون حرا ، ويدخل في القسمة ; لتعلق حق الغانمين به بنفس الأخذ والاستيلاء ، فاعتراض الإسلام عليه لا يبطله بخلاف ما إذا أسلم قبل الأسر أنه يكون حرا ، ولا يدخل في القسمة ; لأن عند الأخذ والأسر لم يتعلق به حق أحد ، فكان الإسلام دافعا الحق ، لا رافعا إياه على ما بينا .