( وأما ) بيان
حكم إصابة الدماء والأموال من الطائفتين فنقول : لا خلاف في أن
العادل إذا أصاب من أهل البغي من دم أو جراحة أو مال استهلكه ، إنه لا ضمان عليه ( وأما )
الباغي إذا أصاب شيئا من ذلك من أهل العدل فقد اختلفوا فيه ، قال أصحابنا : إن ذلك موضوع وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله : إنه مضمون .
( وجه ) قوله أن الباغي جان فيستوي في حقه وجود المنعة وعدمها ; لأن الجاني يستحق التغليظ دون التخفيف .
( ولنا ) ما روي عن
الزهري أنه قال : وقعت الفتنة وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون فاتفقوا أن كل دم استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل مال استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ، وكل فرج استحل بتأويل القرآن فهو موضوع ومثله لا يكذب فانعقد الإجماع من الصحابة رضي الله عنهم على ما قلنا .
وإنه حجة قاطعة ، والمعنى في المسألة ما نبه عليه الصحابة رضي الله عنهم وهو أن لهم في الاستحلال تأويلا في الجملة وإن كان فاسدا لكن لهم منعة ، والتأويل الفاسد عند قيام المنعة يكفي لرفع الضمان ، كتأويل أهل الحرب ، ولأن الولاية من الجانبين منقطعة لوجود المنعة ، فلم يكن الوجوب مفيدا لتعذر الاستيفاء فلم يجب ، ولو فعلوا شيئا من ذلك قبل الخروج وظهور المنعة أو بعد الانهزام وتفرق الجمع يؤخذون به ; لأن المنعة إذا انعدمت الولاية وبقي مجرد تأويل فاسد ، فلا يعتبر في دفع الضمان ، ولو
قتل تاجر من أهل العدل تاجرا آخر من أهل العدل في عسكر أهل البغي ، أو قتل الأسير من أهل العدل أسيرا آخر أو قطع ، ثم ظهر عليه فلا قصاص عليه ; لأن الفعل لم يقع موجبا لتعذر الاستيفاء وانعدام الولاية ، كما لو قطع في دار الحرب ; لأن عسكر أهل البغي في حق انقطاع الولاية .