( وأما ) الدلالة فهي
أن يقول له رجل : لي عليك ألف ، فيقول : قد قضيتها ; لأن القضاء اسم لتسليم مثل الواجب في الذمة فيقتضي سابقية الوجوب فكان الإقرار بالقضاء إقرارا بالوجوب ثم يدعي الخروج عنه بالقضاء فلا يصح إلا بالبينة وكذلك إذا قال له رجل : لي عليك ألف درهم فقال : اتزنها لأنه أضاف الاتزان إلى الألف المدعاة ، والإنسان لا يأمر المدعي باتزان المدعى إلا بعد كونه واجبا عليه ، فكان
الأمر بالاتزان إقرارا بالدين دلالة .
وكذلك إذا قال انتقدها لما قلنا ولو قال : أتزن أو أنتقد لم يكن إقرارا لأنه لم توجد الإضافة إلى المدعى فيحتمل الأمر باتزان شيء آخر فلا يحمل على الإقرار بالاحتمال وكذا إذا قال : أجلني بها ; لأن التأجيل تأخير المطالبة مع قيام أصل الدين في الذمة كالدين المؤجل ، والله - تعالى - أعلم ولو
قال له رجل : لي عليك ألف درهم ، فقال : حقا ، يكون إقرارا ; لأن معناه حققت فيما قلت لأن انتصاب المصدر لا بد له من إظهار صدره وهو الفعل ويحتمل أن يكون معناه : قل حقا أو الزم حقا ، ولكن الأول أظهر وكذلك إذا قال : الحق ; لأنه تعريف المصدر وهو قوله حقا وكذلك لو قال : صدقا ، أو الصدق ، أو يقينا ، أو اليقين لما قلنا ولو قال : برا ، أو البر لا يكون إقرارا ; لأن لفظة البر مشترك ، تذكر على إرادة الصدق وتذكر على إرادة التقوى وتذكر على إرادة الخير فلا يحمل على الإقرار بالاحتمال وكذلك لو قال : صلاحا أو
[ ص: 209 ] الصلاح ، لا يكون إقرارا لأن لفظة الصلاح لا تكون بمعنى التصديق والإقرار ، فإنه لو صرح وقال له : صلحت ، لا يكون تصديقا فيحمل على الأمر بالصلاح والاجتناب عن الكذب هذا إذا ذكر لفظة مفردة من هذه الألفاظ الخمسة فإن جمع بين لفظتين متجانستين أو مختلفتين فحكمه يعرف في إقرار الجامع إن شاء الله تعالى .