( وأما )
الذي يدخل على قدر المقر به فنوعان : أحدهما الاستثناء والثاني الاستدراك .
أما الاستثناء في الأصل فنوعان : أحدهما أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه والثاني أن يكون من خلاف جنسه وكل واحد منهما نوعان متصل ومنفصل فإن كان المستثنى من جنس المستثنى منه والاستثناء متصل فهو على ثلاثة أوجه : استثناء القليل من الكثير واستثناء الكثير من القليل واستثناء الكل من الكل أما
استثناء القليل من الكثير فنحو أن يقول علي عشرة دراهم إلا ثلاثة دراهم ، ولا خلاف في جوازه ويلزمه سبعة دراهم ; لأن الاستثناء في الحقيقة تكلم بالباقي بعد الثنيا كأنه قال : لفلان علي سبعة دراهم إلا أن للسبعة اسمين : أحدهما سبعة ، والآخر عشرة إلا ثلاثة ; قال الله تبارك وتعالى {
فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } معناه أنه لبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما وكذلك إذا
قال : لفلان علي ألف درهم سوى ثلاثة دراهم ; لأن سوى من ألفاظ الاستثناء .
وكذا إذا قال : غير ثلاثة ; لأن غير بالنصب للاستثناء ، فإن قال : لفلان علي درهم غير دانق ، يلزمه خمسة دوانق ولو قال : غير دانق بالرفع يلزمه درهم تام ( وأما )
استثناء الكثير من القليل بأن قال : لفلان علي تسعة دراهم إلا عشرة فجائز في ظاهر الرواية ويلزمه درهم
[ ص: 210 ] إلا ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف - رحمه الله - لا يصح وعليه العشرة ، والصحيح جواب ظاهر الرواية ; لأن المنقول عن أئمة اللغة - رحمهم الله - أن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا ، وهذا المعنى كما يوجد في استثناء القليل من الكثير يوجد في استثناء الكثير من القليل إلا أن هذا النوع من الاستثناء غير مستحسن عند أهل اللغة ; لأنهم إنما وضعوا الاستثناء لحاجتهم إلى استدراك الغلط ، ومثل هذا الغلط مما يندر وقوعه غاية الندرة فلا حاجة إلى استدراكه لكن يحتمل الوقوع في الجملة فيصح ( وأما )
استثناء الكل من الكل بأن يقول : لفلان علي عشرة دراهم إلا عشرة دراهم فباطل وعليه عشرة كاملة لأن هذا ليس باستثناء إذ هو تكلم بالحاصل بعد الثنيا ، ولا حاصل ههنا بعد الثنيا فلا يكون استثناء بل يكون إبطالا للكلام ورجوعا عما تكلم به
والرجوع عن الإقرار في حق العباد لا يصح فبطل الرجوع وبقي الإقرار .
ولو قال : لفلان علي عشرة دراهم إلا درهما زائفا ، لا يصح الاستثناء عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه وعليه عشرة جياد وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف يصح وعليه عشرة جياد للمقر له وعلى المقر له درهم زائف للمقر بناء على أن الأصل عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - أن المقاصة لا تقف على صفة الجودة بل تقف على الوزن .
وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف لا تتحقق المقاصة إلا بهما جميعا ووجه البناء على هذا الأصل أنه لو صح الاستثناء لوجب على المقر له درهم زائف وحينئذ تقع المقاصة ; لأن اختلاف صفة الجودة لا تمنع المقاصة عنده ، وإذا وقعت المقاصة يصير المستثنى درهما جيدا لا زائفا وهذا خلاف موجب تصرفه فلم يصح الاستثناء وعند
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف - رحمه الله - لما كان اتحادهما في صفة الجودة شرطا لتحقق المقاصة - ولم يوجد ههنا - لا تقع المقاصة وإذا لم تقع كان الواجب على كل واحد منهما أداء ما عليه فلا يؤدي إلى تغيير موجب الاستثناء فيصح الاستثناء ، والصحيح أصل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه لأن الجودة في الأموال الربوية ساقطة الاعتبار شرعا لقول النبي عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=17768جيدها ورديئها سواء } والساقط شرعا والعدم حقيقة سواء .
ولو انعدمت حقيقة لوقعت المقاصة ، كذا إذا انعدمت شرعا ولو قال : لفلان علي عشرة دراهم إلا درهم ستوق فقياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف - رحمهما الله - أنه يصح الاستثناء وعليه عشرة دراهم إلا قيمة درهم ستوق وقياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر - رحمهما الله - أنه لا يصح الاستثناء أصلا وعليه عشرة كاملة بناء على أن المجانسة ليست بشرط لصحة الاستثناء عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف - عليهما الرحمة - وعند
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد nindex.php?page=showalam&ids=15922وزفر شرط على ما سنذكره إن شاء الله تعالى .