وكذا
الذكر يقتل بالأنثى وإن كان أفضل من الأنثى ، وكذا لا تشترط المماثلة ، في العدد في القصاص في النفس ، وإنما تشترط في الفعل بمقابلة الفعل زجرا ، وفي الفائت بالفعل جبرا ، حتى لو قتل جماعة واحدا يقتلون به قصاصا وإن لم يكن بين الواحد والعشرة مماثلة لوجود المماثلة في الفعل ، والفائت به زجرا ، وجبرا على ما نذكره إن شاء الله تعالى وأحق ما يجعل فيه القصاص إذا قتل الجماعة الواحد ; لأن القتل لا يوجد عادة إلا على سبيل التعاون ، والاجتماع فلو لم يجعل فيه القصاص لانسد باب القصاص ; إذ كل من رام قتل غيره استعان بغير يضمه إلى نفسه ليبطل القصاص عن نفسه ، وفيه تفويت ما شرع له القصاص ، وهو الحياة ، هذا إذا كان القتل على الاجتماع ، فأما إذا كان على التعاقب بأن شق رجل بطنه ثم حز آخر رقبته فالقصاص على الحاز إن كان عمدا .
وإن كان خطأ فالدية على عاقلته ، لأنه هو القاتل لا الشاق ، ألا ترى أنه قد يعيش بعد شق البطن بأن يخاط بطنه ، ولا يحتمل أن يعيش بعد حز رقبته عادة ، وعلى الشاق أرش الشق ، وهو ثلث الدية ; لأنه جائفة ، وإن كان الشق نفذ من الجانب الآخر فعليه ثلثا الدية في سنتين ، في كل سنة ثلث الدية ، لأنهما جائفتان ، هذا إذا كان الشق مما يحتمل أن يعيش بعده يوما أو بعض يوم ، فأما إذا كان لا يتوهم ذلك ، ولم يبق معه إلا غمرات الموت ، والاضطراب فالقصاص على الشاق ، لأنه القاتل ، ولا ضمان على الحاز ، لأنه قتل المقتول من حيث المعنى ، لكنه يعزر لارتكابه جناية ليس لها مقدر ، وكذلك لو جرحه رجل جراحة مثخنة لا يعيش
[ ص: 239 ] معها عادة ثم جرحه آخر جراحة أخرى فالقصاص على الأول ، لأنه القاتل ; لإتيانه بفعل مؤثر في فوات الحياة عادة ، فإن كانت الجراحتان معا فالقصاص عليهما ، لأنهما قاتلان .
ولو جرحه أحدهما جراحة واحدة ، والآخر عشر جراحات فالقصاص عليهما ، ولا عبرة بكثرة الجراحات ; لأن الإنسان قد يموت بجراحة واحدة ولا يموت بجراحات كثيرة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .