ولو
قتلت أمة رجلا ثم ولدت بنتا فقتلت البنت رجلا ثم إن البنت قتلت أمها فالمولى يخير بين دفع البنت إلى وليي الجنايتين ، وبين الفداء ، فإن اختار الفداء فدى ، لأولياء قتيل البنت بالدية ، ولأولياء قتيل الأم بقيمة الأم لما ذكرنا فيما تقدم تعلق حق المجني عليه وهو حق الدفع ألحق المولى بالأجنبي ، فتصير كأنها جنت على جارية أخرى لأجنبي ، وإن اختار الدفع ضرب أولياء قتيل البنت بالدية ، وأولياء قتيل الأم بقيمة العبد فيقسم العبد بينهم على ذلك ، حتى لو كانت قيمة الأم ألف درهم كانت القسمة على إحدى عشر سهما ، كل ألف درهم سهم ، سهم من ذلك لأولياء قتيل الأم ، وعشرة أسهم لأولياء قتيل البنت ، ولو كانت البنت فقأت عين الأم ولم تقتلها فالمولى يخير بين الدفع والفداء لا يخلو ( إما ) أن يختار دفعهما جميعا .
( وإما ) أن يختار فداءهما جميعا .
( وإما ) أن يختار فداء البنت ودفع الأم .
( وإما ) أن يختار فداء الأم ودفع البنت ، فإن اختار دفعهما جميعا يدفع الأم إلى أولياء قتيل الأم ، وهذا ظاهر ، ويدفع البنت إلى أولياء قتيل البنت وإلى أولياء قتيل الأم .
وكانت مقسومة بينهم على قدر حقوقهم فيتضاربون فيها ، يضرب أولياء قتيل البنت فيها بالدية ; لأن حقهم تعلق بكل البنت ، وأولياء قتيل الأم بنصف قيمة الأم ; لأنها فقأت إحدى عينيها ، والعين من الآدمي نصفه ، فإن اختار فداءهما جميعا فدى الكل فريق من أولياء الجنايتين بتمام الدية ; لأن ذلك أرش كل واحد من الجنايتين ، وسقطت جناية البنت على الأم ; لأنهما جميعا ملك المولى ، وقد طهرتا عن الجناية بالفداء ، وخلص ملك المولى فيهما ، فبقيت جناية البنت عليهما جناية ملك المولى على ملكه ، فتكون هدرا ، وإن اختار دفع الأم وفداء البنت دفع الأم إلى أولياء قتيل الأم ، ثم يفدي البنت ، يفدي لأولياء قتيل البنت بالدية ، ولأولياء قتيل الأم بنصف قيمة الأم لما بينا وإن اختار دفع البنت وفداء الأم يدفع البنت إلى أولياء قتيل البنت ، ويفدي لأولياء قتيل الأم بكمال الدية ، وبطلت جناية البنت على الأم ; لأن الأم طهرت بالفداء ، وخلص ملك المولى فيها فصار جناية البنت على أمها جناية ملك المولى على ملكه ، فتكون هدرا ، ولو أن الأم بعد ذلك فقأت عين البنت قبل أن تدفع واحدة منهما فإن المولى يخير فيهما جميعا فيبدأ بالبنت ; لأنها هي التي بدأت بالجناية ، فيدفع إلى أولياء الجنايتين ، فيتضاربون فيها ، فيضرب فيها أولياء قتيل البنت بالدية ، وأولياء قتيل الأم بنصف قيمة الأم لما بينا في المسألة الأولى .
ثم يدفع الأم إليهم فيتضاربون فيها ، فيضرب فيها أولياء قتيل الأم بالدية إلا ما وصل إليهم من أرش البنت ، ويضرب فيها أولياء قتيل البنت بنصف قيمة البنت ; لأن كل واحدة منهما جنت جنايتين فتدفع كل واحدة بجنايتها طعن في هذا الجواب ، وقيل ينبغي إذا دفع البنت في الابتداء أن يضرب فيها أولياء قتيل الأم بنصف قيمة الأم ، وأولياء قتيل البنت بالدية إلا ما يصل إليهم في المستأنف ; لأنه يصل إليهم بعض الأم ، فينبغي أن لا يضربوا بتمام الدية ، والصحيح ما ذكر في الكتاب ; لأن البنت حين دفعت كان حق أولياء قتيل البنت في تمام الدية ، ولم يكن وصل إليهم شيء فوجب أن يضربوا بجميع ذلك ، والزيادة التي تظهر لهم في المستأنف لا عبرة بها ; لأن القسمة قد صحت وقت الدفع فلا تتغير بعد ذلك ، كما قالوا في رجل مات وعليه لرجل ألف ولآخر ألفان ، وترك ألفا فاقتسماها أثلاثا ثم إن صاحب الألفين أبرأ الميت عن ألف : إن القسمة الأولى لا تنتقض ، كذا هذا ، ولو
جنت الأمة جناية ثم ، ولدت ولدا فقطع ولدها يدها يدفع الولد مع الأم لما ذكرنا أن الولد في حكم الجناية على الأم بمنزلة الأجنبي فصار كأن عبد أجنبي قطع يدها ، ودفع بالجناية ، وهناك يدفع العبد مع الجارية لكونه قائما مقام يد الجارية ، كذا هذا ، والله سبحانه وتعالى أعلم .