ثم
الحر إذا فقأ عيني عبد إنسان أو قطع يديه أو رجليه حتى وجب عليه كمال القيمة فمولاه بالخيار إن شاء سلمه إلى الفاقئ وأخذ قيمته ، وإن شاء أمسكه ولا شيء له .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله - له أن يمسكه ويأخذ ما نقصه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - له أن يمسكه ويأخذ جميع القيمة ( وجه ) قوله أن الواجب فيه - وهو القيمة - ضمان العضوين الفائتين لا غير فيبقى الباقي على ملكه كما لو فقأ إحدى عينيه أو قطع إحدى يديه أنه يضمن نصف قيمته ويبقى الباقي على ملك مالكه ، كذا هذا .
( وجه ) قولهما أن الضمان بمقابلة العينين كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه الرحمة لكن الرقبة هلكت من وجه لفوات منفعة الجنس فيخير المولى إن شاء مال إلى جهة الهلاك وضمنه القيمة وسلم العبد إلى الفاقئ لوصول عوض الرقبة إليه ، وإن شاء مال إلى جهة القيام وأمسكه وضمن النقصان وهو بدل العينين ، كما يخير صاحب المال عند النقصان الفاحش في المواضع كلها
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة رضي الله عنه أنه لما وصل إلى المولى بدل النفس فلو بقي العبد على ملكه لاجتمع البدل والمبدل في ملك رجل فيما يصح تمليكه بعقود المعاوضات ، وهذا لا يجوز كما لا يجوز اجتماع المبيع والثمن في ملك رجل واحد ، ولا يلزم ما إذا غصب مدبرا فأبق من يده أن المولى يضمنه قيمته ، والمدبر على ملكه لأنه لا يحتمل التمليك بعقد المعاوضة ، ولا تلزم الهبة بشرط العوض إذا سلم الهبة ، ولم يقبض العوض أنه اجتمع على ملك الموهوب له العوض والمعوض ; لأن العوض قبل القبض لا يكون عوضا فلم يجتمع العوض والمعوض ، ولا يلزم البيع الفاسد إذا قبض المشتري المبيع ، ولم يسلم الثمن لأن الثمن ليس ببدل في البيع الفاسد إنما البدل القيمة ، وقد ملكها البائع حين ملك المشتري المبيع فلم يجتمع البدل والمبدل في ملكه .
ولا يلزم ما إذا اشترى عبدا بجارية على أنه بالخيار فقبض العبد فأعتقهما جميعا أنه ينفذ إعتاقه فيهما جميعا ، وقد اجتمع العوض والمعوض على ملكه لأنه لما أعتقهما فسد البيع في الجارية وصار العوض عن العبد القيمة ، وملكها البائع في مقابلة ملك العبد فلم يجتمع العوض والمعوض ، ولا يلزم ما إذا استأجر شيئا وعجل الأجرة أن المؤاجر يملكها ، والمنافع على ملكه فقد اجتمع البدل والمبدل في ملك واحد ; لأن المنافع لا تملك عندنا إلا بعد وجودها ، وكلما وجد جزء منها حدث على ملك المستأجر فلم يجتمع العوض والمعوض على ملك المؤاجر ، ولا يلزم ما إذا غصب عبدا فجنى عنده جناية ثم رده على مولاه فجنى عنده
[ ص: 314 ] جناية أخرى ودفعه بالجنايتين أنه يرجع على الغاصب بنصف القيمة فيدفعها إلى ولي الجناية الأولى ، ومعلوم أن نصف القيمة عوض عن نصف الرقبة الذي سلم له فقد اجتمع في ملكه ، وهو نصف العبد العوض والمعوض لأن الممتنع اجتماع العوض والمعوض في ملك رجل بعقد المعاوضة ، ولم يوجد هناك ; لأن ولي الجناية إنما يأخذ عوضا عن جنايته لا عن المال ، واجتماع العوض والمعوض في ملك رجل واحد بغير عقد المعاوضة جائز كمن استوهب المبيع من البائع والثمن من المشتري أو ورثهما ، والله - سبحانه وتعالى - أعلم .
وإن كان
الجاني عبدا والمجني عليه حرا ، أو كانا جميعا عبدين فحكم هذه الجناية وجوب الدفع إلا أن يختار المولى الفداء على ما ذكرنا في جنايات العبيد ، والله سبحانه وتعالى أعلم .