ولو
أوصى لذوي قرابته أو قراباته ، أو لأنسابه أو لأرحامه ، أو لذوي أرحامه هذه الألفاظ الخمسة سواء ، فعند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة الوصية بهذه الألفاظ للأقرب ، فالأقرب فالحاصل أن عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - عليه الرحمة - يعتبر في هذه الوصية خمسة أشياء الرحم المحرم والأقرب فالأقرب وجمع الوصية وهو اثنان فصاعدا ، وأن يكون سوى الوالدين والمولودين ، وأن يكون ممن لا يرث ، وعندهما يدخل في هذه الوصية ذو الرحم المحرم والقريب والبعيد إلى أقصى أب له في الإسلام حتى لو
أوصى للعلوية والعباسية يصرف الثلث إلى من اتصل بسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وبسيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس رضي الله عنهما لا إلى من فوقهما من الآباء ، ولا خلاف في اعتبار الأوصاف الثلاثة ، وهي : اعتبار جمع الوصية وأن لا يكون والدا ولا ولدا وأن يكون ممن لا يرث ( أما ) الأول ; فلأن لفظ ذوي : لفظ جمع ، وأقل الجمع في باب الوصية اثنان ; لأن الوصية أخت الميراث ، وفي باب الميراث كذلك ، فإن الثنتين من البنات ، والأخوات ألحقتا بالثلاث ، فصاعدا في استحقاق الثلثين ، وحجب الأم من الثلث إلى السدس على ما مر حتى لو أوصى لذوي قرابته استحق الواحد فصاعدا كل الوصية ; لأن ذي ليس بلفظ جمع .
وأما الثاني ; فلأن الوالد والولد لا يسميان قرابتين عرفا وحقيقة أيضا ; لأن الأب أصل ، والولد فرعه وجزؤه ، والقريب من يقرب من غيره لا من نفسه ، فلا يتناوله اسم القريب .
وقال الله سبحانه وتعالى {
الوصية للوالدين ، والأقربين } عطف الأقرب على الوالد ، والعطف يقتضي المغايرة في الأصل ، وإذا لم يدخل الوالد والولد في
[ ص: 349 ] هذه الوصية ، فهل يدخل فيها الجد وولد الولد ؟ ذكر في الزيادات أنهما يدخلان ، ولم يذكر فيه خلافا ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14111الحسن بن زياد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله أنهما لا يدخلان ، وهكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف رحمه الله وهو الصحيح ; لأن الجد بمنزلة الأب ، وولد الولد بمنزلة الولد ، فإذا لم يدخل فيها الوالد ، والولد كذا الجد وولد الولد ( وأما ) الثالث فلما روينا عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24642لا ، وصية لوارث } ، وإنما الخلاف في موضعين : أحدهما : أنه يعتبر المحرم عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما لا يعتبر ، والثاني : أنه يعتبر الأقرب ، فالأقرب عنده ، وعندهما لا يعتبر ( وجه ) قولهما أن القريب اسم مشتق من معنى ، وهو القرب ، وقد وجد القرب ، فيتناول الرحم المحرم ، وغيره والقريب والبعيد ، وصار كما لو أوصى لإخوته أنه يدخل الإخوة لأب وأم والإخوة لأب والإخوة لأم ; لكونه اسما مشتقا من الأخوة كذا هذا .
والدليل عليه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33368لما نزل قوله تبارك وتعالى { ، وأنذر عشيرتك الأقربين } جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ، فخص ، وعم ، فقال يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، فإني لا أملك لكم من الله تبارك وتعالى ضرا ولا نفعا يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم من الله عز شأنه ضرا ، ولا نفعا } ، وكذلك قال عليه الصلاة والسلام
لبني عبد المطلب ، ومعلوم أنه كان فيهم الأقرب والأبعد وذو الرحم المحرم وغير المحرم ، فدل أن الاسم يتناول كل قريب إلا أنه لا يمكن العمل بعمومه لتعذر إدخال أولاد سيدنا
آدم عليه الصلاة والسلام فيه ، فتعتبر النسبة إلى أقصى أب في الإسلام ; لأنه لما ورد الإسلام صارت المعرفة بالإسلام ، والشرف به ، فصار الجد المسلم هو النسب ، فتشرفوا به ، فلا يعتبر من كان قبله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة - رحمه الله - أن الوصية لما كانت باسم القرابة أو الرحم ، فالقرابة المطلقة هي قرابة ذي الرحم المحرم ; ولأن معنى الاسم يتكامل بها .
وأما في غيرها من الرحم غير المحرم فناقص ، فكان الاسم للرحم المحرم لا لغيره ; لأنه لو كان حقيقة لغيره ، فأما أن يعتبر الاسم مشتركا أو عاما ، ولا سبيل إلى الاشتراك ; لأن المعنى متجانس ، ولا إلى العموم ; لأن المعنى متفاوت ، فتعين أن يكون الاسم لما قلنا حقيقة ، ولغيره مجازا ، بخلاف الوصية لإخوته ; لأن مأخذ الاسم ، وهو الإخوة لا يتفاوت ، فكان اسما عاما ، فيتناول الكل ، وههنا بخلافه على ما بينا .
ولأن المقصود من هذه الوصية هو صلة القرابة ، وهذه القرابة هي واجبة الوصل محرمة القطع لا تلك ، والظاهر من حال المسلم الدين المسارعة إلى إقامة الواجب ، فيحمل مطلق اللفظ عليه ، بخلاف ما إذا أوصى لإخوته ; لأن قرابة الإخوة واجبة الوصل محرمة القطع على اختلاف جهاتها ، فهو الفرق بين الفصلين ، وجواب
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد - رحمهما الله - على زعمهما كان يستقيم في زمانهما ; لأن أقصى أب الإسلام كان قريبا يصل إليه بثلاثة آباء أو أربعة آباء ، فكان الموصى له معلوما ، فأما في زماننا ، فلا يستقيم ; لأن عهد الإسلام قد طال ، فتقع الوصية لقوم مجهولين ، فلا تصح إلا أن نقول أنه يصرف إلى أولاد أبيه وأولاد جده وأولاد جد أبيه وإلى أولاد أمه وأولاد جدته وجدة أمه ; لأن هذا القدر قد يكون معلوما ، فيصرف إليهم ، فأما الزيادة على ذلك فلا ، والله سبحانه وتعالى أعلم ، فإن ترك عمين وخالين ، وهم ليسوا بورثته بأن مات ، وترك ابنا وعمين وخالين ، فالوصية للعمين لا للخالين في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه ; لأنه يعتبر الأقرب ، فالأقرب ، والعمان أقرب إليه من الخالين ، فكانا أولى بالوصية ، وعندهما الوصية تكون بين العمين ، والخالين أرباعا ; لأن القريب والبعيد سواء عندهما .
ولو كان له عم واحد وخالان ، فللعم نصف الثلث ، وللخالين النصف الآخر ; لأن الوصية حصلت باسم الجمع ، وأقل من يدخل تحت اسم الجمع في الوصية اثنان ، فلا يستحق العم الواحد أكثر من نصف الوصية ; لأن أقل من ينضم إليه مثله ، وإذا استحق هو النصف بقي النصف الآخر لا مستحق له أقرب من الخالين ، فكان لهما ، وعندهما يقسم الثلث بينهم أثلاثا لاستواء الكل في الاستحقاق ، فإن كان له عم واحد ، ولم يكن له غيره من ذوي الرحم المحرم ، فنصف الثلث لعمه ، والنصف يرد على ورثة الموصي عنده ; لأن العم الواحد لا يستحق أكثر من النصف ، فبقي النصف الآخر لا مستحق له ، فتبطل فيه الوصية ، وعندهما يصرف النصف الآخر إلى ذي الرحم الذي ليس بمحرم .
ولو أوصى لأهل بيته يدخل فيه من جمعه آباؤهم أقصى أب في الإسلام حتى أن الموصي لو كان علويا يدخل في هذه الوصية كل من ينسب إلى سيدنا
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه
[ ص: 350 ] من قبل الأب ، وإن كان عباسيا يدخل فيها كل من ينسب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس رضي الله عنه من قبل الأب سواء كان بنفسه ذكرا أو أنثى بعد إن كانت نسبته إليه من قبل الآباء ، ولا يدخل من كانت نسبته من قبل الأم ; لأن المراد من أهل البيت أهل بيت النسب والنسب إلى الآباء وأولاد النساء آباؤهم قوم آخرون ، فلا يكون من أهل بيته ، ويدخل تحت الوصية لأهل بيته أبوه وجده إذا كان ممن لا يرث ; لأن بيت الإنسان أبوه ومن ينسب إلى بيته ، فالأب أصل البيت ، فيدخل في الوصية ، ولا يدخل في الوصية بالقرابة ; لأن القرابة من تقرب إلى الإنسان بغيره لا بنفسه ، وذلك لا يوجد في أب .
وكذلك لو أوصى لنسبه أو حسبه ، فهو على قرابته الذين ينسبون إلى أقصى أب له في الإسلام حتى لو كان آباؤه على غير دينه دخلوا في الوصية ; لأن النسب عبارة عمن ينسب إلى الأب دون الأم .
وكذلك الحسب ، فإن الهاشمي إذا تزوج أمة ، فولدت منه ينسب الولد إليه لا إلى أمه ، وحسبه أهل بيت أبيه دون أمه ، فثبت أن النسب والحسب يختص بالأب دون الأم .
وكذلك إذا أوصى لجنس فلان ، فهم بنو الأب ; لأن الإنسان يتجنس بأبيه ، ولا يتجنس بأمه ، فكان المراد منه جنسه في النسب .
وكذلك اللحمة عبارة عن الجنس ، وذكر
المعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف إذا أوصى لقرابته ، فالقرابة من قبل الأب والأم والجنس واللحمة من قبل الأب ; لأن القرابة من يتقرب إلى الإنسان بغيره ، وهذا المعنى يوجد في الطرفين ، بخلاف الجنس على ما بينا .
وكذلك الوصية لآل فلان هو بمنزلة الوصية لأهل بيت فلان ، فلا يدخل أحد من قرابة الأم في هذه الوصية ، ولو أوصى لأهل فلان ، فالوصية لزوجة فلان خاصة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وعندهما هذا على جميع من يعولهم فلان ممن تضمه نفقته من الأحرار ، فيدخل فيه زوجته واليتيم في حجره ، والولد إذا كان يعوله ، فإن كان كبيرا قد اعتزل عنه ، أو كان بنتا قد تزوجت ، فليس من أهله ، ولا يدخل فيه مماليكه ، ولا وارث الموصي ، ولا الموصى لأهله ( وجه ) قولهما أن الأهل عبارة عمن ينفق عليه قال الله تبارك وتعالى خبرا عن نبيه سيدنا
نوح عليه الصلاة والسلام {
إن ابني من أهلي } .
وقال تبارك وتعالى في قصة
لوط عليه الصلاة والسلام {
، فنجيناه وأهله } ،
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة - رحمه الله - أن الأهل عند الإطلاق يراد به الزوجة في متعارف الناس يقال : فلان متأهل وفلان لم يتأهل ، وفلان له أهل ، وفلان ليس له أهل ، ويراد به الزوجة ، فتحمل الوصية على ذلك ، ولا يدخل فيه المماليك ; لأنهم لا يسمون أهل المولى ، ولا يدخل فيه وارث الموصي ; لأنه إن خرج منه لا يدخل ، فعند الإطلاق أولى ، ولا يدخل فلان الذي أوصى لأهله ; لأن الوصية وقعت للمضاف إليه ، والمضاف غير المضاف إليه ، فلا يدخل في الوصية كما لو أوصى لولد فلان إن فلانا لا يدخل في الوصية لما قلنا كذا هذا والله سبحانه ، وتعالى أعلم ولو أوصى بثلث ماله لإخوته ، وله ستة إخوة متفرقة ، وله أولاد يحوزون ميراثه ، فالثلث بين إخوته سواء ; لأنهم في استحقاق الاسم سواء ، بخلاف الوصية لأقرباء فلان أنه يصرف إلى الأقرب فالأقرب عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ; لأن القرابة تحتمل التفاوت في القرب والبعد .
وأما الأخوة ، فلا تحتمل التفاوت ألا ترى أنه يقال هذا أقرب من فلان ، ولا يقال هذا أكثر أخوة من فلان هذا إذا كان له ، ولد يحوز ميراثه ، فإن لم يكن ; فلا شيء للإخوة من الأب والأم والإخوة من الأم ; لأنهم ورثة ، ولا وصية لوارث ، وللإخوة من قبل الأب ثلث ذلك الثلث ; لأنهم لا يرثون ، ولا يقال : إذا لم تصح الوصية للإخوة لأب وأم ، وللإخوة لأم ينبغي أن يصرف كل الثلث إلى الإخوة للأب لأنا نقول نعم هكذا لو لم تصح الإضافة إلى الإخوة لأب ، وأم وإلى الإخوة لأم ، والإضافة إليهم وقعت صحيحة بدليل أنه لو أجازت الورثة ; جازت الوصية لهم ، وصار هذا كرجل أوصى بثلث ماله لثلاثة نفر ، فمات اثنان منهم قبل موت الموصي ، فللباقي منهم ثلث الثلث ; لأن الإضافة إليهم ، وقعت صحيحة كذا هذا ، بخلاف ما إذا أوصى لفلان وفلان ، وأحدهما ميت ; لأن هناك الإضافة لم تصح ; لأن الميت ليس بمحل للوصية أصلا ، فلم يدخل تحت الإضافة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف - رحمه الله - في رجل أوصى بثلث ماله في الصلة وله إخوة وأخوات وبنو أخ وبنو أخت : يوضع الثلث في جميع قرابته من هؤلاء ، ومن ولد منهم بعد موته لأقل من ستة أشهر ; لأن الصلة يراد بها صلة الرحم ، فكأنه نص عليه ، ومن ولد منهم لأقل من ستة أشهر علم أنه كان موجودا يوم موت الموصي ، فيدخل في الوصية .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد رحمه الله
[ ص: 351 ] في الزيادات إذا أوصى بثلث ماله لأختانه ، ثم مات ، فالأختان أزواج البنات ، والأخوات ، والعمات ، والخالات ، فكل امرأة ذات رحم محرم من الموصي ، فزوجها من أختانه ، وكل ذي رحم محرم من زوجها من ذكر ، وأنثى ، فهو أيضا من أختانه ، ولا يكون الأختان إلا أزواج ذوات الرحم المحرم ، ومن كان من قبلهم من ذي الرحم المحرم ، ولا يكون من الأختان من كان من قبل نساء الموصي أي : زوجاته ; لأن من ينسب إلى الزوجة ، فهو صهر ، وليس بختن على ما نذكر إن شاء الله تعالى ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - حجة في اللغة ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - في الإملاء أيضا إذا قال : قد أوصيت لأختاني ، فأختانه أزواج كل ذات رحم محرم من الزوج ، فإن كانت له أخت ، وبنت أخت ، وخالة ، ولكل واحدة منهن زوج ، ولزوج كل واحدة منهن أب ، فكلهم جميعا أختان ، والثلث بينهم بالسوية الذكر ، والأنثى فيه سواء ، أم الزوج ، وأختانه ، وغير ذلك فيه سواء على ما بينا ، فقد نص
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - في موضعين على أن الأختان ما ذكر ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد حجة في اللغة .
وقال في الإملاء : إذا قال : أوصيت بثلث مالي لأصهاري ، فهو على كل ذي رحم محرم من زوجته ، وزوجة أبيه ، وزوجة ابنه ، وزوجة كل ذي رحم محرم منه ، فهؤلاء كلهم أصهاره ، ولا تدخل في ذلك الزوجة ، ولا امرأة أبيه ، ولا امرأة أخيه ، وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد - رحمه الله - حجة في اللغة ، والدليل أيضا على أن الأصهار من كان من أهل الزوجة ما روي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1166أنه عليه الصلاة والسلام لما أعتق صفية ، وتزوجها أعتق من ملك ذا رحم محرم منها إكراما لها } .
وكانوا يسمون أصهاره عليه الصلاة والسلام .